المشاركات الشائعة

الثلاثاء، 16 نوفمبر 2010

مقابلات

مقابلة مع السيّدة أسكوفاري أوليماتو تامبورا المحترمة، النائب في مقاطعة "تينينكو" ورئيسة التجمّع النسائي في الجمعية الوطنية في مالي

ملخّص: 
من يتعاطى السياسة لا ينخرط سوى في حل المشاكل التي يواجهها مجتمعه المحلي أو مدينته أو بلده، أي أن الجميع يتعاطى السياسة..... إلى أخواتي وبناتي اللواتي يرغبن دخول الساحة السياسية، إليكن نصيحة واحدة وهي: تحلّين بالإيمان!
المتن: 
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: بدايةً، ما هي التحديات التي واجهتها كامرأة تحتلّ مناصب قيادية على الساحة السياسية؟ كيف ساعدتكِ خبرتك وتجربتك اليومية في تذليل هذه العقبات؟

السيدة المحترمة أسكوفاري: شكرًا على إجراء هذه المقابلة. لقد دخلتُ الساحة السياسية سنة 1997 تزامنًا مع إنشاء حزب الشعب (COPP) الذي كنت الأمينة العامة فيه من 1997 إلى 2002، وأفتخر بأن عملية ترسيخ الحزب في كل أنحاء مالي قد تكللت بالنجاح. بشكلٍ عام، تقع المرأة التي تنجح في احتلال مناصب المسؤولية ضحية الأحكام المسبقة التي تجبرها على بذل جهود مضاعفة لكي تبرهن مؤهلاتها على المستوى التقني أولاً ولكي تؤكد على هويتها كـ"امرأة". أستفيد من هذه التجربة في حياتي اليومية وبشكلٍ خاص في ممارسة مهامي كنائب في الجمعية الوطنية وسوف أتناول سؤالكم التالي إنطلاقًا من هذه النقطة.
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: من فضلكِ، أخبري قراءنا كيف ساهمتِ في حماية حقوق المرأة في "تينينكو" وتعزيزها في الحياة العامة؟
السيدة المحترمة أسكوفاري: لقد انتخبني المواطنون في مقاطعة "تينينكو"، وأنا اليوم أخدم ولايتي الثانية، لكنني أمثل المواطنين في مالي جميعهم، إذ أن "كل ولاية إلزامية باطلة". وعليه، تواجه النساء في "تينينكو" على غرار النساء الأخريات في مالي انخفاض معدل الالتحاق بالمدرسة، والفقر والمرض (فيروس نقص المناعة المكتسب/الأيدز وتدهور الصحة الإنجابية) والمسّ بسلامتهن الجسدية، وسوء التمثيل في هيئات صنع القرار الإدارية والسياسية. إذ أعمل في مجال سن القوانين، يمكنني أن أبذل الجهود لأعالج هذا الوضع من خلال إطلاق التدابير التشريعية التي تصبّ في مصلحة النساء. كما وأحرص على حسن تطبيق النصوص السارية التي تحمي حقوق المرأة من خلال الإشراف الحكومي. قد تسمح بعض التدابير الطوعية على غرار الكوتا، إلى النساء بالاضطلاع بدورٍ في الحياة العامة وبالتالي إحداث تغيير فعلي في السلوك. ويعتبر هذا التغيير أساسيًا لتحقيق تنمية متناغمة في بلدنا.
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: إنطلاقًا من هذه التجربة، ما الخطوات التي يجب أن تتخذها النساء اللواتي يتبوأن مناصب سياسية رفيعة لتعزيز وضع المرأة في مالي وصون حقوقها؟
 السيدة المحترمة أسكوفاري: من المرفوض أن يرتكبن الأخطاء. على كلّ منهنّ أن تعتبر نفسها مكلّفة بمهمة الدفاع عن قضية المرأة، أي أن تبرهن أنه بإمكانها أن تحقق الإنجازات كما الرجل لا بل أن تتفوق عليه. لا يسعنا سوى أن نضع هذه المقارنة على هذا المستوى. وتكون هؤلاء النساء دومًا نماذج تحتذى للنساء الأخريات.
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما هي برأيكِ الحواجز الأساسية التي تعترض سبيل النساء اللواتي يدخلن المعترك السياسي؟ كيف تمكّنتِ من تذليلها؟
السيدة المحترمة أسكوفاري: تُطرح الحواجز على المستوى الاجتماعي الثقافي. وعلى من يريد أن يتخطاها أن يتحلّى بالجرأة في المقام الأول. عليه بعدها أن ينظّم شؤونه لكي يتمكن من مواجهة المسؤوليات الأخرى عائلية كانت أم خارجية. إنه بالفعل لتحدٍّ كبير ويجب أن تتخذي شريكك حليفك الأساسي!
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: سيدتي المحترمة، ما الذي تقومين به لمساعدة النساء والفتيات على المشاركة في الحياة السياسية وتشجيعهن؟
السيدة المحترمة أسكوفاري: ألجأ كثيرًا إلى الأمثلة الحسّية في هذا المجال، وقبل أي مثال آخر أشير إلى تجربتي الخاصة وهي أبلغ من الكلام. وفي إطار نشاطي ضمن الجمعيات، أسعى إلى التأثير على الممارسات الشائعة المضرة من خلال إطلاق أنشطة نشر الوعي وبناء قدرات النساء. لهذا أنشأت جمعية تعمل من أجل تحسين التحاق الفتيات بالمدارس في دائرتي والترويج للممارسات السليمة في مجال الصحة الإنجابية.
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: كيف ساعدك الدعم الذي قدّمته لك النساء في أنشطتك؟ كيف تساهم المجموعات النسائية واللجان النسائية في الأحزاب السياسية في تعزيز فعالية النساء في السياسة؟
السيدة المحترمة أسكوفاري: إن النساء حليفاتي الأساسيات في دائرتي، ولا بد من أن أستغنم هذه الفرصة لكي أوجه لهن تحية إجلال. يشكّلن قوةً أساسية في الأحزاب السياسية، ولا شك في فعاليتهن لكنهن الطاقة التي تفيض منهن لا تستخدم دومًا بحكمة.
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: برأيكِ، كيف يمكن استخدام مبادرة على غرار شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة لتشجيع تقدّم المرأة في المجال السياسي؟
السيدة المحترمة أسكوفاري: إن مبادرة شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة لمبادرة جميلة جدًا وأود في هذه المناسبة أن أهنئ من أنشأها ومن يروج لها. يمكن أن تستخدم القائدات هذه الشبكة لتعزيز تبادل التجارب وتشاطرها وإطلاق أنشطة مشتركة، ما يتعذّر إذا ما لم نعزز قدرات النساء في استخدام أدوات المعلوماتية في المقام الأول. بالفعل، تفصل ما بين النساء والرجال هوة شاسعة في استخدام أدوات المعلوماتية، كالهوة الرقمية التي تفصل بلدان الشمال عن بلدان الجنوب ولا بدّ من ردمها. لذلك، على شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة تنويع منهجيات عملها فتكون مثلاً هيكليتها حاضرةً ميدانيًا في اتصال حسّي فعلي مع النساء، إلى جانب الاتصال على الانترنت.
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما النصيحة التي تسدينها إلى أعضاء شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة، وبخاصة النساء والفتيات اللواتي يرغبن دخول معترك السياسة؟
السيدة المحترمة أسكوفاري: في بلادنا، عندما يقال إن أحدهم يتعاطى السياسة (politiguimogo  بلغة بانمانا)، تحمل هذه العبارة دلالة سلبيًا. بدايةً لا بد من إزالة أي لبس على هذا المستوى. فمن يتعاطى السياسة لا ينخرط سوى في حل المشاكل التي يواجهها مجتمعه المحلي أو مدينته أو بلده، أي أن الجميع يتعاطى السياسة. لا تعدّ السياسة حكرًا على الرجال. صحيح أن تنظيم مجتمعنا يميل إلى إقصاء النساء بطريقة ما إذ يضعهن في المرتبة الثانية. واضح أن العادات راسخة مرسّخة، لكن الأمل موجود. ومع تطوّر الذهنيات ومختلف سياسات الحكومة ومنظمات المجتمع المدني لتعزيز المرأة، قد يتحقق النجاح في نهاية المطاف. شكّل حلول الديمقراطية في مالي في آذار/مارس 1991 منعطفًا تاريخيًا للنساء في إدراكهن قدرتهن التنظيمية والقدرة على التأثير على مجرى الأحداث، وأعتقد أن هذه القفزة مكتسبًا لا يمكن إلغاؤه. إلى أخواتي وبناتي اللواتي يرغبن دخول الساحة السياسية، إليكن نصيحة واحدة وهي: تحلّين بالإيمان!


مقابلة مع كارمن بيراميندي: نائبة في البرلمان الوطني (1990-1995) ومديرة المعهد الوطني للمرأة (2005-2010) في أوروغواي

ملخّص: 
"يشكّل ضعف مشاركة المرأة في السياسة عجزًا ديمقراطيًا أساسيًا. فكلّ الهيكليات التي تعزز فعالية الديمقراطية هي أيضًا هيكليات قد تساهم في تعزيز مشاركة المرأة في السياسة لكن هذه العملية ليست تلقائية. إنها عبرة استخلصتها من تجربتي الشخصية على الأقل. فكلّما كانت الهيكلية ديمقراطيةً،كلّما ازداد عدد النساء المنتخبات فيها."
المتن: 
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: بدايةً، أود أن أسألك عن مسيرتك في السياسة. متى دخلت هذا المعترك وما الذي شجعك على الانخراط في هذا المجال؟ ما الفرص أو العقبات التي صادفتها كامرأة؟
كارمن بيراميندي: بدأت أنشط في السياسة في سنٍ مبكرة جدًا وكنت لا أزال طالبةً. نتيجةً لذلك، أمضيت 7 سنوات وراء القضبان في ظلّ النظام الدكتاتوري في أوروغواي. شاركتُ لاحقًا في حركة الاتحاد العمالي. لم أكن أمينة سرّ الاتحاد فحسب لكن ترأست أيضًا منظمة العاملين في مجال الصيد البحري. كنت أيضًا أنتمي إلى حزب سياسي وانتخبني ائتلاف الجبهة العريضة (Frente Amplio) نائبًا من 1990 إلى 1995. كنت المرأة الوحيدة بين 20 نائبًا تعيّنهم الحكومة في حينها. ولم يكن البرلمان يضم سوى 6 نساء على الرغم من حضور النساء بشكلٍ عام في الأحزاب السياسية الأخرى.
لقد صادفت الحواجز منذ أن دخلتُ الحزب السياسي. في حينها، لم أنسبها إلى التمييز بين الجنسين لأنني لم أكن قد تبنّيت وجهة النظر تلك بعد. أذكر عندما انضممت إلى حركة سياسية سرية جدًا، قال أحد الرجال أنه لن يتكلم على المسائل السرية أمام النساء لأنهن يعجزن عن حفظ الأسرار. عندما كان الرجال يجرون النقاشات السرية، كان يرفض السماح لأي امرأة بالمشاركة. كنت قد تفوّقت عليه إلى حدٍ بعيد من حيث عدد الأصوات لأشكّل جزءًا من لجنة التعبئة تلك إلا أنه احتفظ لنفسه بحقّ النقض ضد وجودي. لم أكن أبلغ سوى السابعة عشر من العمر، فكنت في حيرة من أمري ولم أكن أفهم بتاتًا ما الذي يحصل. عندها أدركت صعوبة المشاركة في السياسة حتى بعد الحصول على أصوات. وأشدد على فكرة الأصوات لأنني أعتقد أن الانتخابات تساهم في إضفاء الشرعية في السياسة.
في الاتحاد العمالي، لو جرت الانتخابات على أساس الفردية، لكانت الأصوات قد انهالت كالمطر. لكن لو جرت الانتخابات على أساس القوائم الانتخابية التي تتشكل ضمن الدوائر السياسية الصغيرة، لكنتُ قد نفيت إلى المرتبة الثانية. عندما جرت الانتخابات على أساس الفردية، حصلت النساء على عددٍ أكبر من الأصوات. هذا ما حصل معي في اتحاد الصيد البحري حيث فزتُ في الانتخابات وتفوّقت بآلاف الأصوات على الشخص الذي حلّ في المرتبة الثانية. فأصبحت رئيسة اتحاد الصيد البحري لسنوات عدّة بعد أن حصلت على أغلبية الأصوات من العمّال أنفسهم.
يومًا بعد يوم، بدأت أفهم أن الرجال والنساء يرتبطون  بهيكليات السلطة بطرق مختلفة، وأن ممارسة الرجال السلطة تعتبر أكثر شرعيةً. عندما يحين وقت تقييم سلوك الرجل في السياسة، قليلةٌ هي الأمور التي توضع على الطاولة، لكن عندما يحين وقت تقييم سلوك المرأة في السياسة، تكثر العوامل التي تؤخذ في عين الاعتبار.
على مرّ الوقت، وضع الرجال طرق عدّة لضمان بقائهم في السياسة. فهم يعرفون كيف ينسجون التحالفات فيما يصعب علينا كنساء أن ننسج التحالفات في ما بيننا. لربما يعزى ذلك إلى كوننا نساء، فنميل إلى "وجدنة" علاقاتنا وروابطنا أي جعلها شخصية. بإمكان الرجال تشكيل التحالفات على الرغم من أنهم يتجادلون ويتقاتلون ويتواجهون، ولا يقومون بوجدنة علاقاتهم كالنساء. إن غضبنا، من الصعب جدًا علينا أن نشكل تحالفًا مع الأشخاص الذين سببوا لنا الغضب. إن بنية الرجال الاجتماعية تخوّلهم الفصل ما بين مشاعرهم وقراراتهم، ما يعطيهم الأفضلية في المجال السياسي حيث تحتدم المنافسة، وهذا غير شائع بين النساء.
لقد انتخبت نائبًا في البرلمان إذ نشطتُ سياسيًا في الجامعة وفي الاتحاد. فالحزب السياسي الذي كنت أنتمي إليه أعطى الأفضلية الكبرى إلى العمال. حصلتُ على مصداقية كبرى إذ كنت قائدةً في اتحاد عمالي، وأضف إلى ذلك تعليمي الجامعي، تمكّنت من الحصول على ميزة تفضيلية لبلوغ مناصب صنع القرار. حتى أن فترة سجني اتضحت أنها مفيدة جدًا لليسار هنا في أوروغواي.
تتطور القيادة على مراحل طويلة من الزمن في حياة كلّ البشر وليس النساء فحسب. أعتبر أننا كنساء نواجه مشاكل في هذا المجال إذ يصعب علينا أن نطوّر القيادة ونساعد على تطوير قيادة النساء الأخريات.
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: إلى أي مدى تغيّر وصول المرأة إلى الحياة العامة في أوروغواي؟ ما الدور الذي أدّته النساء والمنظمات النسائية في العملية هذه؟
كارمن بيراميندي: في بداية ولاية الرئيس تاباريه فاسكيز (التي امتدت من آذار/مارس 2005 إلى آذار/مارس 2010)، ضمّت حكومة الوزراء الثلاثة عشر 4 نساء. كان واقعًا لا سابق له في البلد، وبخاصة بعد أن عيّن الرئيس نساء في مناصب وزارية لم تمنح لنا عادةً مثل وزارة الصحة العامة أو وزارة التنمية. حتى أنه عيّن امرأة في منصب وزيرة الدفاع وبعدها امرأة أخرى كوزيرة داخلية.
تركت هذه التعيينات أثرًا مزدوجًا. ففي المقام الأول، عززنا حضورنا في المجال العام، وثانيًا، ساهمت هذه التعيينات في هذه المناصب بالتحديد في برهنة قدرة النساء على احتلال هذه المناصب وأداء مهامهنّ بفعالية. إلا أن ذلك لم ينعكس في البرلمان حيث لا تحتل النساء سوى أكثر من 10 في المئة من المقاعد بقليل.
بهدف معالجة الوضع القائم، روّجنا ما يعرف بـ "ثالوث تمكين المرأة"، وهو يتمحور حول توحيد النساء في الهيئات العامة (في حالتي، الهيئة التي ترعى سياسات الجنسانية) والنساء في الأحزاب السياسية والنساء في الحركات الاجتماعية. عقد هذا الثالوث، وهو مبادرة من المجتمع المدني، اجتماعات عدّة على غرار اجتماع النساء في أوروغواي. كما نظّم جمعيات عدّة حيث اجتمعت النساء من مختلف الخلفيات بهدف النظر في أجندة مشتركة والتعهّد بتطبيقها، ومنها تعزيز مشاركة المرأة في السياسة. في إطار جهودنا الدؤوبة للفصل ما بين هذه المبادرة والمنطق الحزبي، أنشأنا شبكةً للنساء الناشطات في السياسة في أوروغواي والتجمّع النسائي لمجلس النواب ومجلس الشيوخ الذي يجمع النساء من كل الأحزاب السياسية.
نعاني عجزًا هامًا من وجهة نظر ديمقراطية يُعزى إلى ضعف تمثيل المرأة على الساحة السياسية في بلدنا، وبشكل خاص على المستوى "الأسهل والبسيط" من السياسة وهو الأحزاب السياسية. ولعلّ ما شهدناه في النقاش الذي دار حول قانون الكوتا النسائية (سنة 2009) خير دليل على تخلّف أروغواي في هذا المجال. لكنه بالفعل تناقض بارز إذ في أوروغواي يبلغ عدد النساء اللواتي يتخرجن من الجامعات ضعف عدد الرجال، وكانت أوروغواي من بين البلدان الأوائل التي اعتمدت الانتخاب العام، وقانون الطلاق الذي يسمح بالطلاق بناءً على مبادرة المرأة، ومجموعة من المسائل الأخرى حول المساواة بين الجنسين. إلا أننا ما زلنا متأخرين عن ركب التطور في مجال المشاركة السياسية. في بلدنا، ما من علاقة مباشرة بين النهوض بحقوق المرأة والمشاركة السياسية. وُضعت سياسات عامة أعتبرها أساسية حول المساواة بين الجنسين كالقانون حول المساواة في الفرص والحقوق والخطة من أجل المساواة وهي قيد الإعداد. تتضمن الخطة من أجل المساواة سياسة تعميم مراعاة المساواة في القطاعات الحكومية كافةً – وبالتحديد في الهيئات الخمس – والسياسات في الشركات العامة والتقدمات في الميزانية الوطنية. إلا أن المساواة ما زالت صعبة جدًا في المعترك السياسي إذ ما من رابط بين التقدم السياسي المحرز في مجال المساواة في الفرص والحقوق والمشاركة السياسية الفعلية.
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: لمَ هذه الثغرة؟
كارمن بيراميندي: أعتقد أن هذه الثغرة تنشأ لأن الأحزاب السياسية ما زالت السلطة الأكثر ثباتًا وصلابةً في بلدنا وتلك السلطة أبوية بشكلٍ أساسي. يتجلّى ذلك عند تشكيل القوائم الانتخابية الذي يتم بناءً على معيار ذكوري. لم تظهر مسألة المساواة في المشاركة في القوائم الانتخابية سوى في الحملة الانتخابية الأخيرة. في الانتخابات الداخلية للجبهة العريضة، اقترح ذلك أحد المرشحين وهو المرشّح الذي ترشحت معه. حتى أنه أعلن أنه في حال انتخابه، سوف يعيّن حكومة يتساوى فيها عدد النساء والرجال. كانت المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك وأعتقد أنه نتج من الكفاح الشرس الذي قادته الحركات النسائية السياسية والاجتماعية على مر السنين.
لكن الغريب أن قانون الكوتا ينصّ على أن الكوتا إلزامية للإنتخابات الداخلية – بدءًا من الانتخابات التالية – لكن ذلك لا ينطبق على الانتخابات العامة. قُدّمت حجج واهية لتبرير ذلك، وبشكل خاص التأكيد على أنه ما من نساء مؤهلات، كما ولو كان الرجال مؤهلين بالفطرة وليس بالممارسة. فالمرء يتعلم من خلال ممارسة التمثيل والسلطة. من جهةٍ أخرى، من الواضح أن الأشخاص الأكثر كفاءة هم اليوم خارج البرلمان، وتقودهم مجموعة من الظروف إلى دخول هذا المجال. إنها مسألة علينا أن نعالجها بإلحاح.
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: كيف تنظرين إلى عملية توليد القيادات الجديدة وتطويرها؟ وما دور الأحزاب السياسية في هذه العملية؟
كارمن بيراميندي: أعتقد أنه ما من عملية لتوليد القيادات الجديدة بل مجرد بعض الترشيحات الابتكارية. في أوروغواي،  نحن النساء اللواتي أحدثنا السوابق قد تخطينا اليوم الخمسين من العمر، واليوم باتت القيادات المعروفة من النساء الراشدات. قلّة قليلة من النساء الشابات يشاركن في المناصب السياسية. يقال الكثير عن توليد القيادات الجديدة لأن هذه الأقوال تلقى قبولاً واسعًا وهي صحيحة من الناحية السياسية، لكن عندما يحين وقت تحديد المرشحين القادرين على تولي منصب الرئاسة، يكون معدّل العمر بين 60 و70 عامًا. أعتقد أن الأحزاب السياسية قد جمّدت حتى إمكانية نشوء قيادات جديدة.
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: أنت مديرة المعهد الذي يدير سياسات الجنسانية في البلاد. ما الاستراتيجيات المعتمدة لتعزيز المساواة في النفاذ إلى التمثيل السياسي للنساء؟ ما الأهداف المرجو بلوغها؟
كارمن بيراميندي: تهدف خطتنا من أجل المساواة في الفرص والحقوق بوضوح إلى تحقيق المساواة. لقد نظمنا بعض الاجتماعات ومنتديات التفكير وحلقات النقاش حول الموضوع هذا. كما قدمنا دعمنا إلى مبادرات المجتمع المدني التي ترمي إلى تحقيق الغاية نفسها. عندما دار النقاش بشأن قانون الأحزاب السياسية، طلبنا من الأحزاب ابداء آرائها حول هذا القانون، لكننا لم نحقق نجاحًا باهرًا. يحظى المعهد بالاعتراف في حال السياسات التي تطبقها السلطة التنفيذية، لكن القبول محدود عندما تطبق السلطات الحكومية الأخرى هذه السياسات. لذلك، في عام 2008، ناصرنا جمعيات نسائية إقليمية جذبت في نهاية المطاف أكثر من 4000 امرأة بهدف اعتماد الخطة. حوّلنا عام 2009 الانتخابي إلى موضوع أساسي في الجمعيات، فشجعنا النساء على متابعة العملية الانتخابية عن كثب من تشكيل القوائم إلى الانخراط في الانتخابات. لم نسعَ إلى تحفيز النساء للتصويت للمزيد من النساء فحسب، بل للتصويت للنساء اللواتي التزمن بالعمل من أجل الارتقاء بحقوق المرأة.

شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: لقد مثلتِ أوروغواي في الاجتماع المتخصص المعني بالمرأة (REM). من فضلك اشرحي لنا ما هو الاجتماع المتخصص هذا وما الأثر الذي تركه على المنطقة؟

كارمن بيراميندي: إن الاجتماع المتخصص المعني بالمرأة هو حيز مخصص للمرأة ضمن السوق المشتركة لأميركا الجنوبية (MERCOSUR) يهدف إلى التأثير على السياسات ضمن المؤسسة. على سبيل المثال، عند تأسيس برلمان خاص بالسوق المشتركة لأميركا الجنوبية، قدّمنا توصية تنادي بمنح النساء والرجال عدد متساوٍ من المقاعد في البرلمانات المقبلة. وفي القمة الرئاسية، قدمنا قرارًا اتفقت عليه النساء الوزيرات في المنطقة كافةً، وتم اعتماد القرار بعدها في شيلي في عهد الرئيسة ميشال باشليه. ولعلّ الإنجاز الأبرز كان القرار الذي اعتمده المؤتمر العاشر للجنة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (ECLAC) وهو "توافق كيتو" (2007) الذي كان الأداة الأولى التي تقترح المساواة بين الرجل والمرأة في مجال صنع القرار وإعادة توزيع المهام ضمن تقسيم العمل والاعتراف بعمل المرأة غير مدفوع الأجر. كان إنجازًا لافتًا ربط ما بين أجندتين اثنتين، أي أجندة العمل غير مدفوع الأجر أو تقسيم العمل المنزلي وفق النوع الاجتماعي، وأجندة المشاركة في هيكليات السلطة. فالأجندتان مرتبطتان بتوزيع السلطة في المجالين العام والخاص. كانت خطوة حكيمة قام بها قسم شؤون الجنسانية بأن يربط ما بين هذين الموضوعين. في السوق المشتركة لأميركا الجنوبية، عملنا من أجل تعميم هذه المقاربة واليوم حظينا بمشروع إقليمي لتحقيق هذا الغرض. سوف نتمكّن من تعزيز عملنا المشترك كمنطقةٍ واحدة، فنوحّد مختلف الحركات لنعزز مشاركة المرأة في السياسة.
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: لا شك أن تغيير الأنظمة لا يشكّل سوى جزء واحد من العوامل الضرورية لتحقيق المساواة. ما التغييرات الهيكلية التي تقترحينها لتقليص هوة عدم المساواة؟
كارمن بيراميندي: أعتقد أنه على أوروغواي إجراء نقاش دستوري أكثر حدّة وإطلاق إصلاح دستوري معمّق. إنها الطريقة الوحيدة لتحظى المرأة بالاعتراف الفعلي بحقوقها وتصبح الحقوق نافذةً.
يشكّل ضعف مشاركة المرأة في السياسة عجزًا ديمقراطيًا أساسيًا. فكلّ الهيكليات التي تعزز فعالية الديمقراطية هي أيضًا هيكليات قد تساهم في تعزيز مشاركة المرأة في السياسة لكن هذه العملية ليست تلقائية. إنها عبرة استخلصتها من تجربتي الشخصية على الأقل. فكلّما كانت الهيكلية ديمقراطيةً،كلّما ازداد عدد النساء المنتخبات فيها. قد يقول البعض إن النظام الحالي يسمح للنساء بالترشح، إلا أن ذلك غير صحيح لأن الترشيحات "تُطبخ" في مطابخ عددٍ محدود من الأشخاص معظمهم من الرجال. أضف إلى ذلك المتطلبات الاقتصادية للمحافظة على الترشيح، وإذا ما كان القادة الحزبيون يتحكّمون بالموارد، يكون قرار الترشيح بين يديهم. لذلك يبدو إصلاح الأحزاب السياسية أساسيًا ويجب أن يتضمن منهجيات لضمان المساواة بين الجنسين. كما يجب أن ينص القانون على المساواة في المشاركة بين الرجال والنساء.
أعتقد أننا كنا نشعر بالخجل في أوروغواي. لقد انتقدتُ كثيرًا قانون الكوتا، لكنني أدافع عنه اليوم لأنهم يريدون وضعه على الرفّ، لكن في الواقع أعتقد أنه يجب التشديد على المساواة الكاملة.
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: بالعودة إلى ما ذكرته بشأن التحالفات والشبكات، ما كان دورها في مسيرتك السياسية؟
كارمن بيراميندي: أعتقد أنها كانت أساسية. يملك الرجال السلطة لأنهم يعلمون كيف يبنون الجسور والتحالفات على الرغم من الاختلافات بينهم. يعتمد عددٌ كبير من الأفكار التي تكلّمنا عليها في هذه المقابلة على وضع استراتيجيات التحالف بين النساء. لقد طوّرت مارسيلا لاغارد هذه الفكرة من خلال مفهوم النادي النسائي. علينا أن نتعلّم الكثير في هذا المجال. ما إن يلمع اسم امرأة ما، يهرع الرجال والنساء على حدٍ سواء لتحجيمها. لكن عندما يلمع اسم 20 رجلاً، لا نرى أحدًا ينتقص منهم بهذه السهولة. علينا كنساء أن نتعلم الكثير في هذا المجال.
عندما كنت في الاتحاد العمالي، كنت المرأة الوحيدة من بين 20 قائدًا في البداية. بعد 8 سنوات، صار الاتحاد يضم في قيادته 10 نساء و10 رجال. لقد روّجت سياسةً ملموسة، فكنتُ رئيسة الاتحاد ودفعت قدمًا باللجنة الخاصة بالجنسانية التي كانت قائمة. لكن بعد مغادرتي الاتحاد بثلاث أو أربع سنوات، عاد تمثيل المرأة ليكون محدودًا. انتهى بي الأمر كمديرة المعهد الوطني للمرأة (INMUJERES) ليس نتيجة قرار الرئيس فحسب، بل أيضًا بناءً على إجماع النساء من كل أحزاب تحالف الجبهة العريضة. بدأت ولايتي بحضور واسع للنساء من كل أحزاب الجبهة العريضة ودعمهنّ ما قدم لي نفوذًا واسعًا للتصرف.
أعتقد أننا كنساء يصعب علينا أن نحدّد النزاعات بوضوح. أعتمد المواجهة المباشرة عندما أعلن عن الاختلافات فلا تكون النتيجة إيجابية تمامًا. لكن على المدى الطويل، تولّد هذه المقاربة شرعية أكبر وأشعر أيضًا أنها تمنحني السلام الداخلي. إني على قناعة بأن عددًا كبيرًا من النساء في أوروغواي يجب أن يحتل المركز الأول في القوائم الانتخابية. لكن عندما يطرح هذا الموضوع، غالبًا ما نفشل في إرساء التضامن، فيؤدي إلى انسحاب عددٍ كبير. حتى ولو لم يحصل الرجل على التضامن المطلوب وهو يسعى إلى الحصول على المنصب، لا يأبه برأي الآخرين. لكن بنية المرأة في المجتمع تعتمد على رأي الآخرين بها. في السياسة، ينقلب هذا ضدنا. إلا أنني لا أشعر بذلك اليوم لربّما لأنني أصبحت متمرسة إلى حدٍ ما. عندما كنت نائبًا في البرلمان، كنت أمًا لطفل لم يبلغ الثانية من العمر، وعندها كان حدثًا أساسيًا أن تكون امرأة نائبًا في البرلمان وأمًا لطفل صغير. تتكبد المرأة التي تدخل السياسة كلفةً باهظة. فقلّة قليلة من الرجال تؤدي دورًا مساويًا لدور المرأة في الحياة اليومية، ويصعب على هؤلاء الرجال العيش إلى جانب نساء طموحات.
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: في النهاية، ما الاقتراحات التي تقدمينها إلى المرأة التي تود المشاركة في السياسة لكن تواجه مصاعب هائلة، ليس في أوروغواي فحسب بل في المنطقة ككل؟
كارمن بيراميندي: علينا أن نتخذ قرارًا صارمًا بتعزيز نفوذنا كمجموعة. أعتقد أنه من المهم جدًا أن ننسج الشبكات إذا ما أردنا فعلاً أن نتقدّم في مجال صنع القرارات وبناء التحالفات في ما بيننا. بهذه الطريقة، عندما تدخل النساء في جدالات في المناصب العامة، بإمكاننا أن نقدم لهن الدعم ونشجعهن. إنها مسألة تغيير طريقة ممارسة السياسة. لا أحبذ دخولنا السياسة لتبقى سياسة عمودية واستبدادية وأبوية. يكمن التحدي اليوم في تحويل السياسة و"أنسنتها".

مقابلة مع السيدة ماريا أنطونييتا سا، عمدة مدينة كونشالي سابقًا، ونائب لخمس ولايات متتالية (1994-2014) وعضو في اللجان الدائمة للتربية والثقافة والرياضة والترفيه والأسرة في مجلس النواب في شيلي

ملخّص: 
"إن المجتمع في شيلي أكثر تقدميةً وانفتاحًا تجاه النساء من الأحزاب السياسية. فالعقبة الكبرى تكمن في الأحزاب السياسية. تؤكّد الدراسات أن النساء المرشحات في الانتخابات النيابية أكثر جدارةً من الرجال. قلتُ وأكرر إن ميشال باشليه لم تصبح رئيسة بفضل دعم الأحزاب السياسية لها، بل لأن الشعب اختارها، فهو لا تتحكم به الأفكار المسبقة وينتخب النساء."
المتن: 
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة:لقد قطعتِ شوطًا طويلاً وقيّمًا جدّاً في مسيرتك السياسية. هلاّ أعطيتنا لمحة عن هذه المسيرة وبشكلٍ خاص ما الأثر الذي تركته عليك كامرأة؟

ماريا أنطونييتا سا:دخلتُ معترك السياسة منذ السبعينيات وشاركتُ في الكفاحات الاجتماعية منذ المدرسة الثانوية. يرتبط جزءٌ كبير من تجربتي بنظام بينوشيه الدكتاتوري (1973-1990) وحركة المقاومة. في خلال تلك السنوات، أجبرَنا القمع الدكتاتوري في الميدان السياسي على بناء قدراتنا كنساء ويا للمفارقة! كانت تجربةً متميّزة جدًا ومكّنتنا من مساعدة نساء قويات على الظهور في المجال السياسي في غياب الأحزاب السياسية. فنشأت مجموعة من النساء انخرطت لاحقًا في برامج الحكومات الديمقراطية. هكذا نشأت الخدمة الوطنية للنساء (SERNAM) بموجب القانون. عند إعادة بناء النظام الديمقراطي، عيّنني الرئيس باتريسيو أليوين عمدة مدينة كونشالي الأولى (1990) (وفي حينها لم تكن الانتخابات البلدية المباشرة قد أجريت) وبعد ذلك انتُخبت نائبًا في البرلمان.

لقد تركت هذه المسيرة الإيجابيات والسلبيات. فلقد كوّن المجتمع عنّا صورةً إيجابية. انتخبنا المواطنون ووضعوا ثقتهم فينا بناءً على عملنا ونزاهتنا. إلا أن المشكلة تكمن في علاقاتنا مع الأحزاب السياسية وتقييم الحكومات وطريقة تعاطي وسائل الإعلام معنا. فالصحافة تتعامل مع النساء بشكلٍ مختلف وهي أقل تسامحًا معنا ممّا هي مع الرجال السياسيين، والفرق في التعاطي واضح وضوح الشمس.

شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة:تطرّقتِ إلى دور النساء في ظلّ النظام الدكتاتوري. لكن ما دور النساء والمنظّمات النسائية في العملية السياسية ما بعد الدكتاتورية أي في المرحلة الإنتقالية وبعدها في الديمقراطية. أي عمليّة أدّت إلى انتخاب السيّدة ميشال باشليه (2006-2010) إلى سدّة الرئاسة لتكون المرأة الأولى التي تتولى هذا المنصب في بلدك؟

ماريا أنطونييتا سا:لقد سبق وذكرت أن المرأة في بلادي في ظل الدكتاتورية إرتقت بنفسها فأصبحت كائنًا إجتماعيًا سياسيًا إضطلع بدورٍ لافت في الكفاح من أجل الديمقراطية. كانت مطالبنا مسموعةً وبذلنا الجهود الدؤوبة لنحدد الأجندة. كان حضور المرأة لافتًا أيضًا في صفوف المعارضة بشعار: "الديمقراطية في الوطن... الديمقراطية في المنزل". وإذ تولّت الحكومات الديمقراطية مقاليد الحكم، تحوّلت الأجندة إلى برنامج وأطلقت السياسات حول حقوق المرأة والقضاء على التمييز وإرساء المساواة وغيرها.

لكن في مجال التمثيل على الساحة السياسية، كانت العراقيل أكبر. لم تضم الحكومة الأولى مثلاً أي امرأة على الرغم مما اقترحناه إلى الحكومة الديمقراطية الأولى. وكنت الامرأة الأولى التي عيّنت عمدة وعيّنت امرأة أخرى في منصب نائب وزير الإسكان. بعد ذلك، أنشئت الخدمة الوطنية للنساء (SERNAM) لتكون وزارة ترأسها امرأة.

لكن الحال هي أن الحركة النسائية التي نشطت في خلال النظام الدكتاتوري تراجعت عندما ظهرت الأحزاب السياسية. عندها قررت بعض النساء الإنخراط في هيكليات تحمل طابعًا سياسيًا أكبر إذ أدركن أنه إذا ما بقين خارج الأحزاب لن يتمكنّ من تحقيق الأجندة النسائية. ولقد ولّدت هذه الحالة التوترات وتداعت الحركات النسائية.

كيف نجحت ميشال باشليه في الوصول إلى الرئاسة؟ من يدخل منّا عالم الأحزاب السياسية يكافح لتعزيز حضور المرأة وتوسيع تمثيلها في المناصب المنتخبة. قدّمنا اقتراحًا إلى الرئيس لاغوس (2002-2006) بتعيين نساء في مناصب وزارية وبالفعل تعهّد بتعيين 5 نساء في موقع وزراء. ولقد وفى بوعده وحصلت وزيرتان اثنتان من الوزيرات الخمس على دعم شعبي واسع: أولهما ميشال باشليه وكانت وزيرة الصحة العامة (2000-2002) وبعدها وزيرة الدفاع (2002-2004) والأخرى كانت سوليداد ألفيار التي كانت وزيرة الخدمة الوطنية للنساء (SERNAM(1991-1994) وبعدها وزيرة العدل (1994-1999) ) في الحكومة الديمقراطية الأولى، وعيّنت بعد ذلك وزيرة الخارجية (2002-2004) في حكومة لاغوس. وترشّحت الاثنتان ضمن كلّ من حزبيهما في الإنتخابات الحزبية لاختيار المرشح الرئاسي إلا أن حزب "كونسرتاسيون" اختار ميشال باشليه لتكون مرشحته الرئاسية. ولم يكن هذا الترشيح نتيجة اتفاق ما بين أحزاب ائتلاف " كونسرتاسيون" بل كان انتخابًا شعبيًا من خلال المسوحات واستطلاعات الرأي. إن لم تحظَ ميشال بالدعاية التي حظيت بها في خلال توليها المناصب الوزارية وإن لم تحظ بالدعم الشعبي الذي نشأ من إدارتها، لم تكن لتصل إلى سدة الرئاسة ولم تكن الأحزاب السياسية لتختارها.

شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة:يؤكّد محللون أن الحكومات المحلية يجب أن تكون المكان الأفضل على الساحة السياسية لتوفر التمثيل الأفضل للنساء في السياسة إلا أن الواقع مختلف تمامًا. فلا تحتلّ النساء سوى 10% بالكاد من مناصب العمدة مقابل 21% من مقاعد البرلمان. نظرًا لتجربتك في هذين المجالين، ما هي الإختلافات بينهما؟ ما هي العبر التي استخلصتها من تجربتك في موقع العمدة؟

ماريا أنطونييتا سا: كانت تجربتي في موقع العمدة تجربةً رائعة. تولّيت هذا المنصب ما بين 1990 و1992 وكنت قد ورثت المجلس البلدي من زمن النظام الدكتاتوري. كان مجلسًا خاضعًا لهيمنة جماعات المصالح يضم رجال أعمال ومجموعات الأحياء وغيرها. لم تكن المجالس البلدية متطوّرة كما هي اليوم. إلا أننا نسجنا علاقات وثيقة متميّزة مع المواطنين وأتيحت فرصٌ كثيرة أمامنا. في حينها، قابلت الرئيس وقلت له "سيّدي الرئيس، أنا هنا لأمثّل 500 ألف نسمة". كنت أشعر بأنني رئيسة هؤلاء الأفراد على الرغم من افتقارنا إلى الموارد التي يتمتع بها أي عمدة اليوم. فالنظام السياسي في شيلي يتمحور إلى حدٍ بعيد حول موقع الرئاسة وفي البلديات يطبّق النظام نفسه، إذ يتمتع العمدة بسلطة كبيرة على المجلس البلدي.

في الانتخابات، تتكرر المشكلة نفسها. يصعب جدًا على النساء الوصول إلى المناصب السياسية بسبب العراقيل التي تضعها الأحزاب السياسية وبسبب الثقافة الذكورية التي تسود في هذه الأحزاب. فالمجتمع ينتخبنا إلاّ أن المشكلة تكمن في أن تختارنا الأحزاب السياسية من بين مرشحيها. فمنصب العمدة منصب لشخص واحد فيما يترشح الأفراد من تحالف ما أو من ائتلاف سياسي لتبوّئه. أظهرت تجربتنا في شيلي أنه إذا ما استمر فشلنا في تخطي حاجز الأحزاب السياسية، من الصعب أن يزداد عدد النساء في منصب العمدة. في الحزب من أجل الديمقراطية (PDD) الذي أنتمي إليه وهو حزب تقدمي، لقد اعتمدنا كوتا داخلية للمرشحات إلا أنه من الصعب تطبيقها. من جهةٍ أخرى، لم نتمكن من فرض هذه الكوتا من خلال التشريعات بل تقتصر الكوتا على الكوتا الطوعية ضمن كل من الأحزاب.

شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة:لقد ذكرتِ أن الأحزاب السياسية في شيلي تشكّل حاجزًا أمام وصول المرأة إلى مناصب صنع القرار. ما الخطوات التي يجب اتّخاذها لتكون الأحزاب أكثر ديمقراطيةً؟

ماريا أنطونييتا سا: أعتقد أن أحزابنا السياسية تشهد أزمة تمثيل حقيقية وأحد أسبابها الإفتقار إلى الديمقراطية الداخلية. إذا ما لم نحدث تغييرًا جذريًا في الأحزاب السياسية، قد تحلّ مكاننا الحركات الشعبوية أو اليسارية أو اليمينية. في شيلي، ما زالت الأحزاب التقدمية لم تتدارك هذه الأزمة الوشيكة.

إن الأحزاب السياسية في شيلي معادية للنساء إلى حدٍ بعيد أي لا تحتضن النساء في كنفها. وتفتقر الأحزاب إلى القناعة الصريحة على مستوى القبول الأيديولوجي والعملي لمشاركة المرأة في السياسة ما بين القادة الحزبيين من الرجال. قد تقبل الأحزاب بهذه المشاركة في الشكليات لتكون "لائقة سياسيًا" لكن عندما يحين وقت التنفيذ، تتفاداها بمختلف الأشكال. لقد أمست الكوتا "كوتا عن بعد" حتى في الأحزاب التقدمية. في ظل هذه الظروف، لا يحصل أي حزبي على الحوافز لينتخب لتمثيل الحزب. غالبًا ما يكون على المرأة أن تلجأ إلى خبرتها السابقة خارج الحزب السياسي عوضًا عن تجربتها الحزبية.

شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة:برأيكِ، ما هي أهم إنجازات الرئيسة ميشال باشليه في مجال تعزيز مشاركة المرأة في السياسة؟

ماريا أنطونييتا سا: أعتقد أن الإنجاز الأول يتمثّل بانتخاب ميشال إلى موقع الرئاسة نفسها. فاحتلالها هذا الموقع قد غيّر نظرة النساء والمراهقات والفتيات. الآن باتت الفتيات يعرفن أنهن بإمكانهن أن يصلن إلى موقع الرئاسة والنيابة والعمدة وغيرها. إلا أننا لم تنمكّن من اعتماد قانون كوتا في البرلمان. قدّمت الرئيسة قانونًا حول هذا الموضوع، وقدّمنا كنساء قانونًا آخر إلا أننا فشلنا. ولم تطرح المصاعب من اليمين فحسب بل أيضًا من حزب "كونسرتاسيون".
لقد واجهت ميشال صعوبات عدّة في خلال العامين الأولين من ولايتها. شكك في قيادتها حتى بعض القادة من حزب "كونسرتاسيون"، لكنها اليوم تترك الحكم بتأييد شعبي يفوق 80%. إلا أن هذا الدعم والتقدير لا يعززان حضور المرأة على الساحة السياسية بسبب الثقافة السياسية السائدة والحواجز التي تطرح ضمن الأحزاب.

شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة:سبق وذكرتِ أن الحواجز التي تطرح هي حواجز هيكلية. نعلم أن الأطر القانونية قد تساعد لكن التحوّل الحاسم يعتمد على تغيير الذهنية الاجتماعية. ما رأيك بهذه المقولة؟

ماريا أنطونييتا سا: إن المجتمع في شيلي أكثر تقدميةً وانفتاحًا تجاه النساء من الأحزاب السياسية. فالعقبة الكبرى تكمن في الأحزاب السياسية. تؤكّد الدراسات أن النساء المرشحات في الانتخابات النيابية أكثر جدارةً من الرجال. قلتُ وأكرر إن ميشال باشليه لم تصبح رئيسة بفضل دعم الأحزاب السياسية لها، بل لأن الشعب اختارها، فهو لا تتحكم به الأفكار المسبقة وينتخب النساء. لا يخطر ببال القادة الحزبيين أنهم إذا ما رشحوا عددًا أكبر من النساء يحققون نتائج فضلى في الانتخابات ولا يفكرون حتى في هذا الاحتمال العملي.

شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة:ما الخطوات الضرورية لتحقيق التغيير؟

ماريا أنطونييتا سا: علينا مواصلة الكفاح. لسوء الحظ، لا تبالي منظمات نسائية عدّة في المجتمع المدني في المشاركة في الكفاح لزيادة انخراط النساء في الأحزاب السياسية. تشعر المنظمات أن هذا الكفاح ليس من ضمن أهدافها لا بل منافيًا لأهدافها. صحيح أن المسألة معقدة إلا أن التغيير آتٍ لا محال. لا يمكن الأحزاب السياسية أن تكون منفصلة عمّا يريده المواطنون، والمجتمع يريد أن تكون المرأة قائدةً ونائبًا وعمدة. إنها الأحزاب السياسية التي تحمل مفتاح الحل، إلا أنها سوف تدرك أهمية التغيير عاجلاً أم آجلاً ولو كانت العملية مكلفة. من المهم أن نعمل مع القادة كما عملنا مع الرئيس السابق لاغوس.

شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة:بالانتقال إلى مسألة أخرى، هلاّ وصفت لنا تجربتك في العمل مع الشبكات والتحالفات الدولية؟ ما رأيك بهذه التجمعات؟

 ماريا أنطونييتا سا: لا شك أن الشبكات الدولية بالغة الأهمية، بخاصة لتبادل الخبرات. بشكل عام تعتبر التحالفات أساسية. في شيلي، واجهنا صعوبات عدة في إرساء جو من التآزر بين النساء في البرلمان بهدف الدفع بالأجندة النسائية قدمًا. في البداية كانت العملية صعبةً جدًا إذ كانت شيلي خارجة من تحت سيطرة النظام الدكتاتوري وكانت هوة شاسعة تفصل بين النساء واليمين. تغيرت الأمور شيئًا فشيء وقدّمت النساء من اليمين دعمها إلى بعض جوانب الأجندة النسائية وبشكلٍ عام الجوانب المتعلقة بالشؤون العائلية مثل المساعدات الغذائية، وحقوق الطفل وغيرها. لكن لم يدعمن المواضيع الأخرى على غرار قانون الطلاق الذي ما زلنا نناقشه من 10 سنوات. بالعودة إلى قانون الكوتا، تلوح في الأفق علامات التغيير مع دعم بعض النساء من اليمين لهذا القانون. لكن من الواضح أن هوة شاسعة تفصل بيننا وبينهن في مسألة الحقوق الجنسية والإنجابية. لم نتمكن من تشكيل تجمع نسائي كما هي الحال في البلدان الأخرى. في شيلي، إن اليمين محافظ جدًا لكن الأحزاب اليمينية تشهد اليوم ظهور نساء بنظرة تقدّمية، لكن من الصعب جدًا عليهن أن يحصلن على تأييد ضمن حزبهن.

شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة:كيف يمكن تجديد القيادة السياسية في شيلي؟

 ماريا أنطونييتا سا: إن الأمر معقدّ فتجديد القيادة السياسية لا يقتصر على إرادة جيل الشباب. نبذل الجهود كنساء لنمهد الطريق أمامهم لكن عليهم أن يتحلوا بنفس طويل وإرادة صلبة بهدف تخطي العقبات كافة ضمن الأحزاب السياسية.

عملنا مع المنظمات النسائية لتقديم الاقتراحات إلى النساء المرشحات لتولّي مناصب سياسية أساسية. وضعنا مشروعًا مثيرًا للاهتمام إذ جمعنا السير الذاتية الغنية بالخبرة والمؤهلات للنساء وقدّمناها بهدف دحض الصورة النمطية بأن مجتمعنا لا يضم نساء مؤهلات لتولي مناصب في الإدارة العامة. كنا نود أن نبرهن لدعاة هذه الأفكار ونقول "تفضلوا! إليكم 10 نساء بإمكانهم تولي هذا المنصب" إن لمناصب الخدمة العامة أو نيابة الوزير أو الوزارة نفسها. وبذلك بعد الوصول إلى المناصب الحكومية يتعزز حضور النساء على الساحة السياسية والاعتراف العام بهن ما قد يساعدهن لاحقًا على المنافسة في الإنتخابات كمرشحات. لقد حققت الرئيسة (ميشال باشليه) إنجازًا أساسيًا في مجال المساواة في حكومتها، لا سيما مع النساء الوزيرات اللواتي قمن بعمل ممتاز واطّلع المواطنون جميعهم على هذه الإنجازات. كافحت ميشال بشراسة ضمن حزبها السياسي لتحقق المساواة في تشكيل حكومتها. على الرغم مما ادعته الأحزاب، وجدت ميشال نساء مؤهلات سوف يصلن في المستقبل إلى البرلمان. إنه لطريق وعر فتولي مناصب القيادة ضمن الأحزاب السياسية مسألة صعبة جدًا. فتسيطر في شيلي الثقافة الذكورية إلى حدٍبعيد وبشكل عام في الأحزاب السياسية على الرغم من أن بلدنا يبدو بلدًا متقدمًا جدًا.


مقابلة مع السيّدة سيلفيانا مورني، عمدة جاكارتا الوسطى، أول امرأة عمدة في إندونيسيا : 

إنه لتحدٍ عظيم أن أكون أول امرأة في منصب العمدة. عليّ أن أبرهن لنفسي وللمواطنين أنني على قدر المسؤولية فإذا ما لم أظهر بصورة القائدة الجيدة، لن يتمكن المواطنون من وضع ثقتهم بأي امرأة تسعى إلى الوصول إلى منصب سياسي. عليّ أن أعمل بكدّ لأبرهن أنه بإمكان امرأة أن تقوم بعملٍ أفضل وبذكاء أكبر.
المتن: 
                  
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة:حضرة السيّدة سيلفيانا مورني، أنت أوّل امرأة تحتلّ منصب العمدة في أكبر المدن وأكثرها ازدحامًا في إندونيسيا. تضم جاكارتا الوسطى أكثر من 990 ألف نسمة واتخذتها كل الشركات والهيئات الحكومية مركزًا لها. ما التحديات التي اعترضت سبيلك كامرأة في هذه المناصب القيادية وكيف ساعدتك خبرتك في مواجهة هذه التحديات؟
سيلفيانا مورني:لم أوفّر قط أي جهد ولطالما بذلت كل ما في وسعي في الحياة. أدرك أنني دخلت ساحةً يسيطر عليها الرجال عندما قررت أن أصبح عمدة جاكارتا الوسطى. لذلك كرّست نفسي للعمل بكدّ وبكل تفانٍ حتى قد يقول البعض إنني بذلت جهودًا توازي ضعف الجهود التي يبذلها الرجل. في منصب عمدة جاكارتا الوسطى، يظهر سجلي المهني والسياسي أنني أديت مهامي بتفوّق وتميّز. أقولها بإيمان راسخ بأن المواطنين في جاكارتا الوسطى يرغبون برؤية امرأة تؤدي المهمة أفضل مما يؤديها الرجل. أعتبر أن فشلي في أداء مهامي من شأنه أن ينعكس سلبًا على النساء جميعهن في السياسة ولذلك أخذت منصب العمدة على محمل كبير من الجدّ. قد يؤدي أي خطأ بسيط أرتكبه إلى نسف ثقة المواطنين بقدرة المرأة على القيادة وقد يقوّض مشاركة المرأة في السياسة.
أعتمد على ركيزتين اثنتين وهما التنظيم والدين. إن التنظيمهو إلمامي بأي موضوع مطروح يساعدني على وضع الخطط والاستراتيجيات بشأن كل ما أريد تحقيقه، فيما ألتجئ إلى الدين لأحافظ على توازني الروحي ولأجد السلام. فالجميع يعلم أنه في السياسة، كما في أي مهنة أخرى، قد يؤدي التوتر والضغط إلى إحلال اليأس في النفوس بسهولة. لست من القادة الذين يتخلّون بسهولة عن مهمّتهم. حزت شهاداتي كلّها بعد العمل الدؤوب وكما تعلمون أيضًا لقد تم تكريمي إذ أنني المرأة الأصغر سنًا في منصب العمدة التي تعمل أيضًا كأستاذة جامعية.
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة:ما الذي ألهمك أو شجّعك على الترشّح لمنصب عمدة جاكارتا الوسطى؟
سيلفيانا مورني:لقد حالفني الحظ في حياتي، فأتيحت فرصٌ عدّة أمامي بيد أنني لم أخطط لها قط. اكتفيتُ بالعمل الدؤوب والعمل الذكي والعمل المتفاني والعمل المنجز على أكمل وجه. لم أكن أنوي في البداية الترشح لمنصب عمدة جاكارتا الوسطى لكنني حظيت بالتشجيع، وعندما قرّرت إطلاق حملتي الانتخابية، سرعان ما انكببت على العمل بكل إخلاص وتفانٍ. منذ اليوم الأول في هذا المنصب، كرّست نفسي لخدمة المواطنين. حصلت على دعم أسرتي بشكلٍ كامل وزوجي مصدر إلهامي الأساسي. لم يشجعني على القيام بكل الخطوات الضرورية للحصول على شهاداتي فحسب بل تحدّاني للسعي إلى تحقيق الإنجازات تلو الإنجازات في حياتي. لطالما كان ابني وابنتي أيضًا إلى جانبي فقدّما لي الدعم طيلة المسيرة. عندما كنت أعدّ أطروحة الدكتوراه، لم يكفّا عن سؤالي إذا ما كنت بحاجة إلى أي مساعدة في أبحاثي أو في إيجاد المراجع. إن أسرتي بالفعل هي أهم من يشجعني ويحفزني.
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة:ما الخطوات التي قمتِ بها للوصول إلى هذا المنصب؟ ما النصيحة التي تسدينها إلى النساء الأخريات الطامحات إلى الوصول إلى منصب كهذا؟
سيلفيانا مورني: أولاً أعتقد أن الخطوة الأهم هي معرفة القوانين والجانب القانوني في أي ميدان تودّ المرأة دخوله. لذلك ذهبت إلى كليّة الحقوق. علينا أن نتسلّح بمعرفة القوانين للتعامل مع أي موضوع يطرح.
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة:في إندونيسيا، أعتقد أن معظم النساء لم يحظين بالتشجيع للمضي قدمًا خارج إطار أسرهم. ما هي الأنماط الاجتماعية التي اعترضتك في هذا الدور غير التقليدي للمرأة؟ وما الرسالة التي يوجهها نجاحك إلى النساء؟
سيلفيانا مورني: أعتبر نفسي امرأة معتدلة، فأنا أقدّر أسرتي كل تقدير ومن جهةٍ أخرى أرغب بالقيام بعملي على أكمل وجه. في المنزل، أنا زوجة تحبّ أداء دورها التقليدي كإعداد العشاء للأسرة مثلاً. ما زلت أقوم بذلك على الرغم من أنها ليست بالمهمة السهلة في بعض الأحيان. فأسرتي متفهّمة جدًا ومتعاونة. لربّما تجدونه أمرًا يستحيل تصديقه لكّنكم مدعوون إلى منزلي للإطلاع على حياتي اليومية وعلاقتي مع زوجي وولدَي.
منذ شبابي، انخرطت في أنشطة في المجتمع. شاركت في منظمات عدّة ونظّمت مختلف أنواع الأنشطة. لا أنام سوى 4 ساعات يوميًا وأعمل بفعالية متنقلةً من مهمة إلى أخرى. لكن الأهم هو أن تتحلّي بالتسامح والتفهّم في هذا الدور التقليدي للمرأة. عندما تتقدمين وتترقّين عليك أن تكوني مراعيةً جدًا لزوجك وأولادك. صحيح أن المرأة تؤدي دورًا صعبًا لكن ما إن تفهمي قواعد اللعبة ويفهمها أعضاء أسرتك، تصبح الأمور أسهل.
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة:برأيكِ، ما أهم إنجازاتك خلال توليك منصبك، بخاصةٍ في ما يخص النساء أو الشابات؟
سيلفيانا مورني: أعتقد أن عملي لمصلحة المرأة كمعالجتي المسائل التعليمية وتحسين الخدمات الصحية ورفاه الأفراد أهم إنجازاتي. كما ترون لقد أنشأت مدوّنتي الخاصة حول عملي، وأنا أتلقّى أي أفكار وتعليقات وحتى انتقادات بكل رحابة صدر. بإمكانكم الاتصال بي بسهولة ومشاركة همومكم أو حتى التبليغ عن أي شكوى في المدينة. لقد أنشأت أيضًا صفحتي الخاصة على "فايسبوك" ليتمكن الأفراد من التواصل معي بسهولة. أدرك أنه يجب أن استخدم التكنولوجيا لأكون إلى جانب المواطنين. أولي اهتمامًا بالغًا بالنظافة والبيئة والصحة. لقد نجحت في تحفيز المجتمعات النسائية للعمل ضمن أحيائهن.
اسمحوا لي أن أضيف أنه على المرأة أن تمارس التواصل العام بشكلٍ رسمي وغير رسمي أي أن تبني صورتها وتحافظ عليها من حين إلى آخر. عبّري عن رأيك أمام الآخرين، كوني متسامحةً مع الأطراف كلّها التي تعمل من أجل مصلحتها، وبالطبع زوري وقابلي المزيد من المواطنين في مدينتك. على صفحتي على "فايسبوك"، أعلن الأنشطة التي أقوم بها وبإمكان المواطنين الاتصال بي بكل سهولة على هاتفي الجوال أو على صفحتي. (راسلتها شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة على فايسبوك وتلقت ردّها الفوري).
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة:ما هي الوسائل التي يجب أن تتبعها النساء للعمل مع الرجال بهدف تشجيع المزيد من النساء على تعزيز فعاليتهم في المناصب السياسية؟
سيلفيانا مورني: لطالما عملتُ مع الرجال بشكلٍ جيد حتى في إطار التنافس حول طريقة العمل. كما سبق وذكرت، من المهم جدًا أن نتحلّى بالذكاء. علينا أن نبذل جهودًا إضافية لنبرهن مؤهلاتنا وقدراتنا إلى المواطنين. حزت درجة الماجستير وبعدها الدكتوراه ومؤخرًا توليت منصبي كأستاذة جامعية حيث أكرّس وقتي لإعطاء المحاضرات إلى الطلاب. إذًا إلى جانب عملي كعمدة جاكارتا الوسطى، أخصّص الوقت دومًا لتشاطر معرفتي مع جيل الشباب وعقولهم النضرة.
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة:إذا ما طلب منك إسداء نصيحة واحدة إلى أي امرأة شابة تتطلع إلى السير على خطاك للوصول إلى المنصب العام ولا تدرك بالضرورة الخطوات التي يجب اتخاذها، ماذا تقولين لها؟
سيلفيانا مورني: تحلّي بالذكاء، تحلّي بالثقة، تحلّي بالصراحة، إعرفي أنك كامرأة تملكين القدرة على إحداث التغيير في الحياة. وبما أنك امرأة، احرصي على أن تكوني مراعيةً للآخرين مثل زوجك وأسرتك فهم ركيزتك الأولى والأهم.


ملخّص: 
"لا يجب أن تشعر النساء بالخوف من العمل السياسي. كما لا يجب التعميم عبر اعتبار السياسة نشاطاً فاسداً لأنّ هذا التفكير يعبر بشكل أساسي عن الأشخاص الذين يزاولون العمل السياسي بصورة لا أخلاقية ومن دون إحساس. فالسياسة تسمح بمساعدة الغير وبشحذ فكرك وذهنك وعملك ناهيك عن بناء استقلاليتك."
المتن: 
 iKNOW Politics: سيتوبوندو منطقة يسودها الطابع الديني وتعرف بمجتمعها الإسلامي التقليدي. ولا تزال النساء في معظم البلدان يناضلن في سبيل المشاركة السياسية ولكنّكِ نجحت في تجاوز العقبات وأحدثت مفاجأة بترؤس المجلس المحلّي في سيتوبوندو. ما هي التحدّيات التي واجهتيها في ترؤس المجلس المحلّي؟ هلاّ أخبرتني قليلاً عن كيفية تبوّءك لرئاسة المجلس المحلّي؟

السيدة زينية:أتممت ترشيحي قبل انتخابي لعضوية المجلس المحلّي. وكنت واثقة جدّاّ من قدرتي كامرأة على القيادة تماماً كما يفعل الرجال منذ سنوات طويلة. في الواقع، أنا مقتنعة بأنّ النساء هنّ قائدات مميّزات أيضاً. إذا وبإيجاز، بدأت تجربتي السياسية لدى انتخابي للمرّة الأولى في العام 2004.

لحسن الحظّ، فاز حزبي السياسي بغالبية الأصوات وانتخَب 11 عضواً إلى المجلس المحلّي في سيتوبوندو. تنصّ قواعدنا بالنسبة إلى اختيار رئيس المجلس المحلّي على منح هذا المنصب إلى عضو من الحزب الفائز. حصلت بسهولة على الأصوات الضرورية لتسميتي من قبل حزبي الذي كان مدركاً لقدراتي. عندما عُرضت تسميتي على أعضاء المجلس، فزت بالمنصب من دون جهد أو معارضة يذكران.       

iKNOW Politics: ما الذي حدا بك للانضمام إلى حزبك والترشّح لعضوية المجلس المحلي في سيتوبوندو؟

السيدة زينية: سبق أن عملت في الوظيفة العامة قبل خوض المعترك السياسي. كلّما كنا نعقد اجتماعاً عاماً حول التخطيط التنموي على مستوى البلدة، كنت ألاحظ ضآلة عدد النساء المشاركات في هذا الاجتماع رغم أهمّيته القسوة. فهذا الاجتماع العام الذي يعقد عند مستوى البلدة يسمح بالتعبير عن المصالح والأفكار حول كيفية تنفيذ البرامج التنموية في المجتمع المحلّي وبتحديد البرامج التي من شأنها إفادة أعضاء المجتمع المحلّي. سيتوبوندو هي المنطقة الثالثة الأكثر فقراً في محافظة جافا الشرقية والعديد من البرامج المنفّذة في المنطقة لا تخدم مصلحة النساء. والنساء يعرفن أفضل من الرجال كيف يصنّفن المبادرات التنموية حسب سلم الأولويات. لسوء الحظّ، كثيرات هنّ النساء اللواتي لا يعِرن الاهتمام الكافي لهذا الميدان. بالتالي، عندما قرّرت الالتحاق بحزبي السياسي، صارحت زوجي وعائلتي لكي يباركا اعتناقي للعمل السياسي. فعضوية المجلس المحلي هي فرصة سانحة لإحداث الفرق لاسيما في ما يتعلّق بالنساء وبما عليهن فعله في الواقع. مثلاً، إذا رفعت عليك لائحة بالبرامج التنموية الواجب تنفيذها في منطقتك، يجدر بالنساء التركيز أكثر على البرامج التي من شأنها العودة بالمنفعة على أولادهن.         

iKNOW Politics: ماذا فعلت لترتقين إلى هذا المنصب؟ ما هي نصيحتك إلى النساء الأخريات اللواتي يرغبن في الحصول على منصب مماثل؟

السيدة زينية: لم أحقّق التقدّم السياسي بسهولة. ولكن، خلال السنوات الخمس الأخيرة، استفاقت سيتوبوندو على نشاط زوجة أحد العلماء المسلمين التي حسّنت جودة الخدمات الموجّهة ليس للنساء فحسب بل أيضاً لجميع الأشخاص الذين يشاركونهن حياتهن. كما عملت بصورة ناشطة في إطار منظّمة نسائية تدعا منظّمة النساء الإسلاميات وهي ثاني أكبر منظّمة في البلاد، ما سمح لي بالتقاء العديد من القادة الإسلاميين.

اضطررت لمقابلة جميع القادة الإسلاميين في المنطقة؛ التقيت بهم وبذلت قصارى جهدي لأقنعهم بالمسائل التي كنت أنوي أن أناضل في سبيلها ضمن المجلس المحلّي. قمت بزيارات كثيرة إلى العلماء فعرّفتهم بنفسي وطلبت دعمهم وبركتهم لأحمل مواقفي وأفكاري إلى المجلس المحلّي. لحسن الحظ، ساعدني نشاطي في إطار منظّمة النساء الإسلاميات إلى حد بعيد في المساعي التي قمت بها.

iKNOW Politics: لا تواجه النساء في إندونيسيا قيوداً تعترض نشاطهن، ولكن يخال لنا أنّهن مقيّدات بفعل نظرة عائلتهن إلى دور النساء في السياسة. كيف نجحت في قطع هذا الشوط وماذا يتعيّن على النساء فعله إزاء هذا الوضع؟      

السيدة زينية: لقد ترعرعت في كنف أسرة مسلمة محافظة وتقليدية يتجلّى إيمانها عبر صنع الخير. فيسعني القول أنّني احتضنت من قبل أسرة طيبّة وديمقراطية جداً تدعمني من دون كلل وقد دعمتني حتى عندما أعربت عن رغبتي في دخول الميدان السياسي. رغم الفشل الذي منيت به خلال حملتي الأولى في العام 2004 بسبب نظام تصنيف المناصب، دعمتني أسرتي من جديد عندما خضت حملتي الثانية لانتخابات المجلس المحلّي.     

بالطبع، تتصدّر الأسرة سلّم الأولويات. ولكنّني أشعر بالحظّ الوفير للدعم الذي تمدّني به أسرتي وزوجي وللطريق التي قطعتها. لذا، رسالتي للنساء الأخريات هي التالية: يجب أن نتخذ الخيارات المتعلّقة بحياتنا بذكاء. ولا شكّ أنّ صنع الخير ينبثق عن معتقداتنا وديننا. 

iKNOW Politics: ما هو أبرز إنجازاتك خلال ولايتك في المجلس المحلّي؟

السيدة زينية:أعتقد أنّ أبرز إنجاز هو العمل على تحقيق ما أؤمن به. فعندما أدركت أنّ النساء لا يشاركن في العملية التنموية في مجتمعنا، أيقنت أنّه سيتوجّب علي بذل المزيد من الجهود في هذا المجال. وأنا أوّد تسليط الضوء على مصالح النساء بما أنّ هذه المصالح تتمحور دوماً حول عائلتهن. على سبيل المثال، يشكّل الفقر مسألةً أساسية قد تحدّ من قدرة النساء على الاعتناء بأعضاء أسرتهن.

من الأهمّية بمكان أن تتبوأ النساء المناصب القيادية. فالنساء يعرفن المشاكل الاجتماعية ويفهمنها بشكل أفضل، كما أنّهن يتعاطفن مع المحتاجين ويتمتّعن بالمرونة في التفاوض والإقناع. وهنّ قادرات على تحقيق النجاح في السياسة خلافاً للاعتقاد السائد.

iKNOW Politics: كيف تعملين مع زملائك الرجال في المجلس المحلّي والحكومة؟

السيدة زينية:أعتقد أنّه بإمكان النساء فعل المزيد للعمل مع الزملاء الرجال. يمكننا أن نقول كل ما نعتبره مهمّاً بصورة لبقة ومقنعة للرجال من دون أن نتعرّض لأي محاولة لإحباط عزيمتنا. يكفي أن نركّز على ما نحاول إنجازه.

iKNOW Politics: ما هي النصيحة الأساسية التي تودّين إسداءها إلى النساء عموماً لاسيما وهن على أهبّة خوض العمل السياسي؟

السيدة زينية:لا يجب أن تشعر النساء بالخوف من العمل السياسي. كما لا يجب التعميم عبر اعتبار السياسة نشاطاً قذراً لأنّ هذا التفكير ينمّ بشكل أساسي عن الأشخاص الذين يزاولون العمل السياسي بصورة لا أخلاقية ومن دون إحساس. فالسياسة تسمح بمساعدة الغير وبشحذ فكرك وذهنك وعملك ناهيك عن بناء استقلاليتك.


ملخّص: 
أؤمن كل الإيمان بجدوى العمل الدؤوب الموجّه نحو التنمية الوطنية والإقتصادية والإجتماعية والسياسية.
المتن: 
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما هي التحدّيات التي اعترضت سبيلك كامرأة في هذا المنصب القيادي في مجلس الشيوخ؟ كيف ساهمت تجربتك السابقة في إعدادك لمواجهة التّحديات هذه؟

ماري كينغ: كان البرلمان خاضعًا لنظام "ويستمنستر" حيث يمنح نظام الفائز الأول السلطة كاملةً إلى الفريق الفائز، فيكون للفريق الحاكم الكلمة الأخيرة على الرغم من إعطائنا الفرصة للتعبير عن وجهات نظرنا. يتألف مجلس الشيوخ في جمهورية ترينيداد وتوباغو من 15 عضوًا يعيّنهم الفريق الحاكم، و6 أعضاء يعينّهم قائد المعارضة و9 أعضاء يعيّنهم الرئيس. ويطلق على هؤلاء التسعة إسم "أعضاء مجلس الشيوخ المستقلّين" (وأنا كنت واحدة منهم) إذ لا ينتمون إلى أي حزب سياسي ويفترض أن يغلّبوا المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية، باذلين الجهود الدؤوبة لتحقيق "الهدف الأمثل" للمصلحة الوطنية. يوضح الدستور آلية اختيار أعضاء مجلس الشيوخ المستقلّين التسعة من الأشخاص البارزين في الوطن الذين يتميّزون ببعض المؤهلات وبالإلمام بالإقتصاد والقانون وغيرها من المواضيع. أمّا أنا فلقد درست علم الإقتصاد وركّزت على اقتصاد التنمية.

أعتقد أن تجربتي في مجال الأبحاث الإقتصادية في قطاع الطاقة والقطاع المالي وشؤون الجنسانية ساهمت بشكلٍ أساسي في إعدادي لاحتلال منصب مستقلّ في مجلس الشيوخ. يعتمد اقتصادنا على النفط والغاز الطبيعي إلا أننا لم نستخلص العبر من سيناريوهات دورة الإزدهاروالكساد التي تلازم نوع الإقتصادات هذا، أي نظام "اقتصاد المزارع". عندما تكون أسعار النفط مرتفعة، توزّع الحكومة الأرباح على مختلف القطاعات من قطاع التجارة والتوزيع إلى القطاع الإجتماعي وقطاع البناء. وعندما تنخفض أسعار النفط، نعتمد سياسة التقشّف ونلجأ إلى الإقتراض لتلبي نفقات الميزانية العامة. في خلال الأعوام الماضية، أجرى بعض منّا في مجال علم الإقتصاد الأبحاث حول هذه اللعنة التي تعرف بإسم "المرض الهولندي"، وطوّرنا الوسائل الفضلى للتنويع وطرحناها أمام الحكومات على مرّ السنين لتعتمدها، لكن عبثًا.

كما شاركتُ في تشكيل التجمّع النسائي الوطني في بداية التسعينات من القرن الماضي، الذي كان يهدف إلى إعداد النساء لتولّي المناصب القيادية في المجتمع والبرلمان. وكافح التجمّع لزيادة عدد أعضائه لسنوات عدّة وفي نهاية المطاف فشل. قد يعود هذا الفشل إلى عدم استعداد النساء لتولّي المناصب القيادية في حينها فيما قد يلقى اليوم النجاح المتوقع.

في إطار دراستي علم الإقتصاد، التحقت بدروس في الإدارة المالية والتخطيط المالي، لذلك كنت على أتم الإستعداد لتولي دوري في مجلس الشيوخ. أؤمن كل الإيمان بجدوى العمل الدؤوب الموجّه نحو التنمية الوطنية والإقتصادية والإجتماعية والسياسية.

شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: برأيكِ، ما هي الأمور التي يجب أن تدركها النساء عند ترشحهن لتولّي منصب عام؟ ما النصائح التي تسدينها إلى النساء المرشحات اللواتي لا يتمتّعن سوى بموارد محدودة في الحملات الإنتخابية في المجتمعات الذكورية؟

ماري كينغ: على المرأة أن تدرك أن للمال دورًا محوريًا في الإنتخابات الحزبية. حاليًا في جمهورية ترينيداد وتوباغو، حلّ رئيس الوزراء البرلمان قبل الإنتخابات التي من المفترض أن تجري بعد 30 شهرًا أو أكثر. نقلت وسائل الإعلام أن حزب رئيس الوزراء سوف ينفق 150 مليون دولار من العملة المحلية في هذه الحملة الإنتخابية أي حوالى 25 مليون دولار أميركي (ولا تضم الجمهورية سوى مليون ومئتي ألف نسمة). وتفيد الأحزاب الأخرى بأنها تفتقر إلى المال وتحتاج إلى حوالى 12 مليون دولار في العملة المحلية أو حوالى مليوني دولار أميركي. نظرًا لهذه الإختلافات الشاسعة في الأصول المالية، يرجح أن يتمكّن الفريق الأثرى من جذب أكبر عدد من الناخبين لصالحه. كما وقد تبيّن على مرّ التاريخ بأن الجهات المموّلة تفضل منح الأموال للمرشحين من الرجال، فتكون قدرات النساء على تنظيم الحملات الإنتخابية محدودةً، وغالبًا ما يعتمدن على تمويل أحزابهن. وبالطبع لا بدّ من طرح مسألة غياب التشريعات والأنظمة التي ترعى تمويل الحملات الإنتخابية حاليًا في بلدنا. في مسيرتي المهنية، توليت أيضًا رئاسة الفرع الوطني لمنظمة الشفافية الدولية التي أجرت أبحاثًا عدّة عن تمويل الأحزاب السياسية. وأتبوأ حاليًا منصب أمينة سر المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد حيث نتناول مواضيع الإشراف البرلماني ومكافحة غسل الأموال وتمويل الأحزاب السياسية.

شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هلاّ أخبرتِ القراء عن تغيير سياسي استفادت منه النساء ساهمت في إحداثه منذ انتخابك؟

ماري كينغ: لسنوات عدّة، كتبت النساء المقالات عن ضرورة إنشاء هيئة لحماية الأطفال ومارسن الضغط في هذا الصدد وطالبن مرارًا وتكرارًا بها إذ يواجه الأطفال في مجتمعنا اليوم سوء معاملة خطيرة. وتفتقر ترينيداد وتوباغو إلى المرشدين الإجتماعيين وشرطة المجتمعات المحلية أو حتى مؤسسات الرعاية بالأطفال قبل سن الدراسة. لقد مارست الضغط لتقديم الدعم لأسر الوالد الوحيد التي تواجه الضيق المالي وما زلت أبذل هذه الجهود حتى اليوم. تتمسّك حكومتنا ببرامج النقد مقابل المال المتعددة التي تنقل الوالد الوحيدمن المنزل إلى مكان العمل. لكنني أعتقد أنه إذا ما أردنا إرساء بيئة أكثر رعاية علينا أن نبقي الوالد الوحيد في المنزل، فنقدّم له إعانة حكومية أو مساعدة أسرية كما هي الحال في المملكة المتحدة. بهذه الطريقة، يحظى الأطفال بالرعاية الفضلى ويعيشون في ظل المحبة والحماية الأسرية الضرورية لنشأتهم بخاصةٍ في خلال السنوات الأربعة الأولى من العمر إذ يكوّنون شعورًا بالمحبة والثقة بالإنتماء إلى أسرة. ولقد نجحنا في اعتماد القانون الخاص بإنشاء هيئة حماية الأطفال وإنشاء المحكمة الأسرية. وإنّي على ثقة بأن الحكومة المقبلة سوف تضع على قائمة أولوياتها مسألة إعادة بناء الحياة الأسرية وتكريس أهمية تعزيز حسّ المسؤولية لدى الوالدينمن خلال تشجيع ملازمة الأمهات المنزل بخاصةٍ في الأسر التي تعاني الضيق المالي.

شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هل من عبر استخلصتها وتودّين تشاطرها مع النساء في مواقع القيادة؟

ماري كينغ: لا أعتقد أنني استخلصت أي عبر إذ أنا أعاند بالنقاط التي أعتبرها مهمة. ما أقترحه هو بعد القيام بواجبك وإجراء الأبحاث حول موضوع محدد وتكوين وجهة نظر لا تتماشى ووجهات نظر الآخرين، حتى في موضوع التصويت على مشروع قانون محدد، تمسّكي بوجهة نظرك فقرارك مبني على أبحاثك. لا تدعي الأغلبية تغيّر وجهة نظرك فإذا ما أذعنتِ لن يعرف المواطنون موقفك ولن تتمكني من مناقشته أو حتى إقناع الآخرين به، وسوف تبقى الشكوك تساورك مدى الحياة.

شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هل تغيّر نهجك في القيادة على مرّ السنوات؟

ماري كينغ: أعتقد أنني انتهجت أسلوب القيادة نفسه على مرّ السنين. قد أميل لتغيير وجهة نظري في بعض الأحيان لكن بناءً على الحجج المنطقية أو المناقشات وبناءً على وجهة نظر لم أنظر فيها من قبل.

شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هل تعتقدين أنك قدّمت وجهة نظر جديدة كامرأة؟

ماري كينغ: قد أكون قد قدّمت وجهة نظر جديدة. بدأتُ كممرّضة مسجّلة في بريطانيا وقابلة ومساعدة طبيب أطفال ومساعدة في غرفة العمليات وانتقلت بعدها إلى مجال علم الإقتصاد والرياضيات في ترينيداد وتوباغو، فحزت شهادة وأصبحت مخططة مالية مسجلة واحتللت مناصب رئاسية وإدارية في مجالس إدارة شركات عدّة في القطاعين العام والخاص، وترأست اللجان المختارة المشتركة في البرلمان. منحتني التجارب هذه كلها نظرةً خاصة أعتقد أن قلّة قليلة من النساء يشاطرنني إياها. وإني على يقين بأن هذه التجارب قد صقلت شخصيتي وطريقة تفكيري واتخاذي القرارات. غالبًا ما يقال لي إن طريقة تفكيري كامرأة خارجة عن المألوف. فأعتقد أنني لقد قدّمت فعلاً وجهة نظر جديدة.

شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: كيف ساعدك دعم النساء الأخريات في عملك؟

ماري كينغ: لقد شجعتني النساء في حياتي أي والدتي وأخواتي وصديقاتي المقربات على السير في هذا الطريق. وأتذكّر بكل وضوح أنه عندما كنت في الخامسة عشر من العمر قالت والدتي إنني يمكنني أن أحقق ما أريده ولقد تبعت نصيحتها.

شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هل تعتقدين بأن الإنضمام إلى شبكة على غرار شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة قد يساعد النساء على المستويات السياسية كافة ومناصريهن في تحقيق النجاح في مسيرتهن المهنية وحشدهم لتأييد المسائل التي تهم الجميع؟

ماري كينغ: أعتقد أن الإنضمام إلى شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة مفيدٌ للنساء على المستويات السياسية كافة. لسوء الحظ، لم تبصر الشبكة النور إلا مؤخرًا ولا تثمر الشجرة قبل موسمها. في عالمنا اليوم، يتصفّح معظم رجال السياسة شبكة الإنترنت، وإذا ما قام كلّ منّا بدوره في بلده تطّلع مزيد من النساء على الشبكة. لا بد من أن أهنئ المنظمة العالمية للبرلمانيين ضد الفساد والقياديين فيها على إتاحة هذه المبادرة للأعضاء وإني على ثقة بأن الرجال منهم سوف يعرّفون زميلاتهم في البرلمان في بلدانهم، فتنشأ حلقات البرلمانيين المستنيرين لتعزيز قدرات البرلمانيين ومنحهم رؤية أوسع للإمكانيات المتاحة أمام النساء في العالم.

شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما النصيحة التي تسدينها إلى أعضاء الشبكة وبخاصةٍ المرشحات إذ يتقدمن في مسيرتهن السياسية؟

ماري كينغ: قومي بإجراء الأبحاث عن النماذج البرلمانية حول العالم وقارنيها بالنموذج البرلماني في بلدك. إطرحي السؤال التالي: "هل يوفّر هذا النموذج النظام الديمقراطي الأفضل لتعزيز مشاركة المواطنين والنقاش المفتوح والحر والشفافية والمساءلة والإشراف على السلطة التنفيذية وإنفاذ القوانين التي يقرّها البرلمان؟" إن لم يكن النظام المطبّق فعالاً في إرساء ديمقراطية متينة، لا تتلكأي عن العمل لتحقيق الهدف هذا، فتبذلين كل الجهود للحرص على أن تغلّب الحكومة المصلحة الوطنية على مصالحها الشخصية. علينا أن نبذل الجهود الحثيثة لتعزيز إنفتاح الحكومة والشفافية والمساءلة والإنصاف في توزيع الثروات والقيمة مقابل المال وإنفاذ القوانين بشكل فعّال. ينتخب الشعب الحكومة وأعضاء البرلمان. يوافق البرلمان على الميزانية وصياغة التشريعات الجديدة أو إدخال التعديلات على القوانين القائمة، ويشرف على الحكومة نيابةً عن الشعب الذي انتخبه. يضطلع البرلمان بدورٍ أساسي أمام شعبه وبالتالي من الضروري ألا يصل إلى هذا المنصب المرموق سوى الأشخاص الذين يتميزون بنزاهةٍ مطلقة وشغف بتحسين حياة المواطنين.


ملخّص: 
"......للمرأة نظرة في إدارة المدينة وتطورها ونظافتها والاهتمام في الأمور التي تدعم المرأة والطفل وحاجات الأسرة، كالمراكز الثقافية والحدائق والمشاريع الاجتماعية".
المتن: 
جنب مع الرجل وتحملها جميع الأعباء المناطة بها وأثبتت جدارتها في ذلك. وكوني المرأة الأولى في مجال الحكم المحلي التي وصلت لرئاسة بلدية كبرى ومهمة وهي بلدية رام الله، لم يكن سهلاً ولكن في مدينة منفتحة وليبرالية تجمع جمهوراً ومواطنين مثقفين ومتنورين، أعتقد أنه ساهم في هذا الاختيار، وكوني كنت مديرة مدرسة ثانوية مميزة وتعاملي مع الأهالي وأولياء الأمور والمواطنين عزز مقدرتي على قيادة بلدية كبيرة. أما من حيث المعيقات فكان هنالك الكثير في البداية وأهمها:  الضغوطات الكبيرة للتنازل عن منصب رئاسة البلدية أو التقاسم ولكنني رفضت المبدأ احتراماً لمن انتخبني.  الترهيب والتهديد.  العرف والتقاليد للتقليل من مكانة المرأة وعدم قدرتها وهذا كان من فئة محدودة ولم أعره أي انتباه، كنت واثقة من نفسي ومبادرة.  الاحتلال يحد من تنفيذ المشاريع المخططة  الوضع السياسي وعدم الاستقرار كان عائقاً وأستطيع القول أن الوضع أفضل بكثير هذه الأيام.  عدم مأسسة البلدية وقدرة العاملين على التجاوب مع متطلبات التوسع السريع للمدينة. فالتغيير في الهيكلية وبرنامج تدريب الموظفين وتطعيم الموظفين بكوادر جديدة وكفؤة، ساهم في التغلب على المعيقات، كذلك المشاركة المجتمعية والنزول إلى الشارع والحديث مع الناس والاستشارات بالإضافة إلى ورشات العمل التي تابعتها باستمرار . وفي النهاية التصميم والثقة والمثابرة وإيماني وحبي لعملي استطعت تجاوز الصعوبات والتحديات ولكن ما زالا أمامي الكثير
. 2- شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: برأيكِ، ما هي الأمور التي يجب أن تدركها النساء اللواتي يرشحّن أنفسهن لمناصب عامّة؟ بماذا توصي النساء اللواتي يخضن انتخابات بإمكانيات محدودة وفي مجتمعات ذكورية؟
حبي لمدينتي وتطويرها مع تشجيع الأهل والأصدقاء وزملائي في العمل دفعني لدخول الانتخابات كما أن الانتخابات عام 2005 كان لها صدى كبير وحماس شديد لدى المواطنين كونها انتخابات زمن السلطة الوطنية الفلسطينية، وبعد انقطاع دام 30 عاماً. أما من حيث الصعوبة لم تكن كذلك حيث سارت الانتخابات بديمقراطية إنما كانت معركة قوية بين الكتل. عملي السابق كمديرة مدرسة متميزة وكبرى في المدينة ومعرفتي الواسعة، دعمني في الانتخابات.
3- شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هل يمكنكِ إطلاع قرائنا على تغيير تفتخرين به بصورة خاصة في خلال ترأسك لبلدية رام الله؟
ربما هو تغيير صب في مصلحة المرأة ولا تزال أصداؤه تدوي؟ يجب أن تدرك المرشحة لمنصب عام أنها على علم ودراية بمهام ذلك المنصب عليها أن تتلقى تدريبات وتدرس جميع القوانين والأنظمة المناطة بها، عليها أن تكون واثقة بنفسها وتعامل الجميع بالتساوي وحسب القانون وان تلتزم أمام الناس بالعادات والتقاليد لكن تثبت نفسها ولا تلتفت للشائعات خاصة التي تحط من قدرة المرأة. وأنا اشعر أن المرأة هي من تثبت نفسها فقط بواسطة عملها السليم والقانوني وأؤكد أن إثباتها لنفسها يحتاج إلى جهد وتضحية من دقتها وراحتها
. 4- شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: كنتِ المرأة الأولى التي ترأست بلدية. هل يمكنك أن تشهدي على أهمية وجود امرأة في هذا الموقع؟ هل تعتقدين أنّك أضفيتِ بعداً جديداً كامرأة؟
التغيير الأقوى كان انتصار المرأة الفلسطينية في مجال الحكم المحلي وأنا افخر كوني امرأة فلسطينية كسرت التقاليد وانتخبت لأهم بلدية في فلسطين مما كان له أثراً عالمياً وآمل أن يزداد عدد النساء لبلديات كبرى في فلسطين لأن المرأة الفلسطينية قادرة أن تكون في موقع صنع القرار. أن الخطة الإستراتيجية والمشاريع التي تم تنفيذها لتطوير المدينة من دواعي فخري، خاصة تغييرمفهوم البلديات القديم وهو تقديم الخدمات البيتية، فقد تطورت البلديات لتقدم خدمات ثقافية كثيرة ومشاركات مؤسسات محلية ودولية مما عرف العالم بمدينة رام الله وجعلها بالإضافة لمركزها السياسي مركزاً ثقافياً مميزاً.
5- شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: كنت الإمراة الأولى التي ترأست بلدية. هل يمكنك أن تشدي على أهمية وجود امرأة في هذا الموقع؟ هلى تعتقدين أنك أضفيت بعداً جديداً كإمرأة؟
نعم الانتساب بشبكات نسوية ووضع تجربة النساء أمام الجميع سيساعد في نشر المعرفة والتجربة للاستفادة منها ومهما تعلم الإنسان إلا انه سيستفيد من تجربة غيره مثلاً كنت اظن ان النساء الأوروبيات ربما يكنَ أقوى وانشط، ووجدت بعد التجربة ان لنا اهتمامات مشتركة وانهن لسن اقوى وأكبر من التجربة. وأننا كفلسطينيات (نسائنا الناشطات كثيرات ولهن خبرة مثلي وأكثر) ناشطات ونستطيع ان نفيد ونستفيد من السير الذاتية لنساء العالم.
6- شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة هل تعتقدين ان الانتساب لشبكة عالمية مثل شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة iKnow Politics قد يساعدالنساء عند كافة المستويات ومناصريهن على تحقيق النجاح في سيرتهن وفي التعبئة حول مسائل ذات اهتمام مشترك؟
إن وجود إمراة كرئيسة بلدية له اهمية كبرى كونه: أولا: ً يبين أهمية المرأة الفلسطينية وتقديراً لنضالها الطويل ووقوفها بجانب الرجل خلال المحنة الفلسطينية فهي أم الشهيد وأخته وزوجته كذلك الأسير، هي راعية الحقل السياسي والاجتماعي في حالة غياب الرجل أو سجنه او استشهاده. ثانياً: وجودي كسر العادات والتقاليد في الحكم المحلي، فللمرأة نظرة في إدارة المدينة وتطورها ونظافتها والاهتمام في الأمور التي تدعم المرأة والطفل وحاجات الأسرة، كالمراكز الثقافية والحدائق والمشاريع الاجتماعية، وأعتقد أن التركيز على المشاريع البيئية والتجميلية كان بعداً جديداً في المدينة.
7- شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: اذا كـــــنت لتعطي توصيـــةً واحــــدة، ما هي النصيحـــة التي قد تســــدينها إلى اعضــــــاء iknow politics، لا سيما المرشحات والنساء اللواتي يعتلين مناصب رسمية وهن يتقدمن في سيرتهن السياسة؟
أنصح المرأة ان تكون واثقة من نفسها وبمعرفتها مبادرة وصادقة في خططها تساوي بين الجميع وتتعامل بشفافية وتوازن بين الآراء المختلفة.


ملخّص: 
كما أودّ أن تدرك جميع النساء المهتمّات بالسياسة أنّ عبقرياً يكمن في أعماقهن وله القدرة على خلق ثروة وطنية.
المتن: 
NFT شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هلاّ حدّثتينا عن سيرتك الذاتية؟ ما الذي أثار اهتمامك بالسياسة؟ ما الذي ألهمك؟ نداي فاتو : سيرتي هي سيرة امرأة إفريقية من الصحراء الجنوبية ولدت في المدينة في بلد ساحلي. بالتالي، ذهبت إلى المدرسة في سنّ مبكرة وأتممت مراحل الدراسة العادية، أي الابتدائي والمتوسط والثانوي، وحصلت في نهاية المطاف على شهادة البكالوريا. بما أنّني تابعت دراستي في كلّية العلوم القانونية والاقتصادية السابقة في جامعة دكار، شاركت في مباراة نقابة المحامين لإنجاز فترة التدرّج. من ثم، أعددت شهادة ماجستير في القانون الخاصّ والتحقت بالجامعة نفسها عند مستوى الدراسات العليا. كوني المرأة الوحيدة التي فازت بمباراة نقابة المحامين في السينيغال من أصل 174 متبارياً، اختارني النقيب في ذلك الوقت، المرحوم فاديلو ديوب، لقضاء فترة تدرّج في مكتبه بين شهري تشرين الثاني/نوفمبر 1984 وشباط/فبراير 1988. بعد انتهاء فترة التدرّج التي امتدت على ثلاث سنوات، التحقت بنقابة المحامين في السينيغال. وأنا عضو، منذ بداية فترة التدرّج، في منظّمة العفو الدولية وفي جمعية المحاميات في السينيغال التي أنشط فيها إلى اليوم. بالإضافة إلى هذه المنظّمات التي تدافع عن حقوق الإنسان عموماً وعن حقوق النساء والأطفال خصوصاً، أنا ناشطة في إطار المنظّمة الوطنية لحقوق الإنسان التابعة للاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، وفي اللجنة السينيغالية المعنية بحقوق الإنسان وفي الاتحاد الدولي للمشتغلات بالمهن القانونية وفي منظّمة "محامين بلا حدود" وفي الرابطة الدولية لمحامي الدفاع الجنائي، الخ. بموازاة سيرتي كمحامية ونشاطي في سبيل تعزيز وحماية حقوق الإنسان، لطالما وضعت خبرتي في خدمة جميع المنظّمات المعنية بحقوق النساء والأطفال ولم أدّخر جهداً في محاربة العنف ضدّ النساء والأطفال والظلم وعدم المساواة والتمييز الممارس ضدّ النساء في بلادي. بفضل هذا الالتزام المتواصل، اكتسبت سمعةً في صفوف منظّمات المجتمع المدني وحتى لدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وصندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة ومنظّمات دولية أخرى في السينيغال وإفريقيا تسعى إلى الارتقاء بالنساء. في هذا السياق، قرّرت في شهر آب/أغسطس 2006 عشية الانتخابات الرئاسية في السينيغال الالتحاق بمجموعة من الأصدقاء من المجتمع المدني بقيادة السيد مامادو لمين ديالو وهو مهندس مناجم وخبير اقتصادي لدى البنك الدولي. انطلاقاً من قناعتي بضرورة أن يشارك المفكّرون السينيغاليون والإفريقيون في الحياة السياسية في بلداننا، وافقت على إدارة حملة السيد ديالو للانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في شهر شباط/فبراير 2007 وترأسّت بعد أشهر قليلة، أي في شهر أيار/مايو من العام نفسه، اللائحة الوطنية لحركة واسعة تعرف بـ"تيكي" تشكّلت من أجل مناصرة الرئيس مامادو لمين ديالو. وفي هذا السياق أيضاً، كان لي الشرف بالحصول على مقعد في الجمعية الوطنية في السينيغال وكنتُ النائب الوحيد من حركة تيكي للنهوض بالمواطنين. تحوّلت هذه الحركة في العام 2007 إلى حزب سياسي عُرِف بـ"حزب النهوض بالمواطنين" ووضع النساء للمرّة الأولى في بلادنا في صدارة لائحته وعيّن 49 امرأة ضمن اللائحة نفسها. عند مستوى المحافظات، تصدّرت ست نساء على الأقل اللوائح الانتخابية بالاستناد إلى نظام الأكثرية. تجدر الملاحظة أنّه بالنسبة إلى الانتخابات النيابية، يجري نوعان من الانتخابات في السينيغال في ما يتعلّق بانتخاب أعضاء البرلمان البالغ عددهم 150 عضواً حيث يُنتخب 60 عضواً على أساس التمثيل النسبي ويكون الفائز المرشّح الذي حصل على أكبر عدد من الأصوات في حين يتم انتخاب 90 عضواً بالاستناد إلى نظام الأكثرية بجولة واحدة على أساس لوائح المحافظات. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: هل تعتقدين أنّ كونك امرأة تنشط في السياسة جعلك تواجهين تحدّيات إضافية؟ نداي فاتو : كامرأة عضو في البرلمان، لا أشعر أنّني أختلف عن النواب الرجال كما لا أشعر بأي عقدة تجاه زملائي الرجال. ولكنّهم يعاملونني بشيء من التمييز، لاسيما متى أبديت موقفي من بعض المواضيع التي قد يوافقونني الرأي بشأنها في الجوهر (فهم يقرّون بذلك في الأروقة) والتي قد يعزّ عليهم تقبّلها لأنّهم لا يريدون أن ينظر إليهم على أنّهم "مسيّرين من امرأة". مهمّتي في الجمعية الوطنية ليست بالسهلة أبداً. فأنا نائب من المعارضة ومن حزبٍ ناشئ (ينعته البعض بـ"الحزب الصغير") كما يصعب علي كامرأة أن أفرض نفسي. يطرح علي انتمائي إلى المعارضة تحدّيات كثيرة ضمن البرلمان:- التحدّي الديمقراطي الذي يجبرني على استعمال الوسائل المتاحة لإسماع صوتي كعضو مستقلّ في البرلمان لا ينتمي إلى مجموعة برلمانية محدّدة (ستّة منا في هذا الوضع، بما في ذلك امرأتان)؛ والتحدّي الناتج عن كوني امرأة وضرورة أن أظهر وأثبت بأنّ امرأة متواجدة في أرقى هيئات صنع القرار قادرة على الدفاع عن الشعب من خلال قرارات تخدم التنمية المستدامة وقرارات عادلة، الخ. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة : كيف توفّقين بين مسؤولياتك الرسمية وحياتك العائلية والخاصّة؟ نداي فاتو : Iعلي الاعتراف بأنّه من الصعب على "قائدة" مفكّرة في هيئات صنع القرار التوفيق بين حياتها المهنية وحياتها العائلية من جهة وأن تعير كل "حياة" الاهتمام المناسب بموازاة الحياة السياسية التي لها متطلّباتها الخاصّة. فمن الطبيعي أن تواجه النساء في سياق اجتماعي ثقافي يخصّهن بالأدوار الدنيا معوّقات كبيرة في ممارسة واجباتهن المهنية والسياسية والعائلية نظراً للصور النمطية القائمة على التحيّز الجنساني. نعم، يصعب التوفيق بين هذه المسؤوليات. وتأتي التعزية الوحيدة من الزوج والأولاد الذين يدعمون أولئك النساء ويضطرون للتأقلم مع فترات غياب طويلة وصعبة. فمتطلّبات الحياة العائلية لا تنسجم مع قيود الحياة السياسية شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما هي برأيك العوامل التي تعيق مشاركة النساء السياسية؟ ما هو الوضع السائد حالياً في السينيغال بالنسبة إلى مشاركة المرأة السياسية؟ نداي فاتو : : ليس هنالك من سبب جدّي أو مشروع لتبرير التمييز بحقّ النساء الناشطات في السياسة. لا يجوز بأي شكل التذرّع بالفقر، الدين و/أو التقاليد لعرقلة مشاركة النساء السياسية، لاسيما أنّه لا حياة سياسية من دون النساء ولا انتخابات من دون النساء. يجب أن يتاح للنساء الترشّح لجميع المناصب والولايات والمهام السياسية والإدارية من أجل التأثير بشكل ملحوظ على القرارات التي لها وقع فعلي على مصيرهن. في السينيغال، ترتبط العقبة الأولى لمشاركة النساء السياسية بغياب التضامن الفعّال في صفوف النساء أنفسهن، لاسيما في ما يتعلّق بالحركات السياسية والأهلية. أما العقبة الثانية فهي بنيوية وتتمثّل في أمّية وجهل النساء اللواتي لا يعرفن حقوقهن. في الختام، تعاني النساء من التهميش وغالباً ما يفتقرن للوسائل الضرورية ليكرسّن وقتهن للسياسة، لاسيما متى كنّ عاطلات عن العمل. وهنّ يشكّلن الكتلة الانتخابية وشريحة الزبائن لرجال السياسة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة : هل كان التشبيك وبناء التحالفات مع نساء أخريات ذات أهمّية بالنسبة إلى تجربتك السياسية؟ نداي فاتو: التشبيك وبناء التحالفات وسيلتان ممتازتان، لا بل هما أفضل الوسائل المتاحة للترويج لمشاركة النساء السياسية. أخذ التشبيك يحتلّ مكانةً مهمّة في حياتي البرلمانية. فالمنظّمات غير الحكومية ومنظّمات الأمم المتحدة تعتبران نشاطي البرلماني وسيلةً لتسليط الضوء على مسائل النوع الاجتماعي. لهذا السبب، ترغب هذه المنظّمات في إشراكي أكثر في نشاطاتها، لاسيما في الندوات وورش العمل المنظّمة عند المستوى الوطني والدولي. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما هي نصيحتك للنساء الشابات، وبشكل خاصّ السينيغاليات منهن، اللواتي يرغبن في المشاركة في السياسة؟ نداي فاتو : النصيحة الأولى التي أرغب في إسدائها إلى الشابات اللواتي يتقن إلى العمل السياسي هي أن يطوّرن مهاراتهن وأن يكتسبن المعلومات لإتقان أدوارهن ومسؤولياتهن وأن يجهدن لبلوغ الامتياز لأنّ النساء الناشطات في السياسة لن ينلن شيئاً إن لم يتمتّعن بالكفاءات اللازمة. فكل شيء يُنتزع بواسطة الحجج الموضوعية والمقنعة. يتعيّن عليهن قبل كل شيء تعزيز التحالفات في صفوفهن ومع النساء الأخريات شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة : ما رأيك باعتماد التكنولوجيا الجديدة في السياسة؟ ما هي أدوات التواصل التي تلجئين إليها لبلوغ ناخبيك؟ نداي فاتو : التكنولوجيا الجديدة غاية في الأهمية في السياسة لأنّها تسهّل التبادلات المثمرة بين النساء من جهة وبين النساء والرجال من جهة أخرى. وهي تسمح للنساء الناشطات في السياسة بتطوير مهاراتهن فيصبحن قادرات على مواجهة التحدّيات وتخطّي العقبات التي تعترض سبيلهن. لبلوغ الناخبين، أستعين بوسائل الإعلام (الراديو والتلفزيون) والهواتف الجوالة والمواد البصرية (الملصقات والكتيّبات والصور والمواقع الإلكترونية، الخ) وذلك وفقاً للترتيب الذي ذكرته شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة : هلا ذكرتِ تشريعاً أو مبادرةً تقدّمتِ بهما إلى البرلمان من أجل دعم النساء؟ ما هي بعض الأهداف التي ترغبين في تحقيقها بعد نداي فاتو : ترمي المبادرات التي تقدّمت بها في إطار نشاطي البرلماني بشكل أساسي إلى تسليط الضوء على النساء حيث لا بد من مراعاة خصائصهن في القوانين التي نمرّرها في البرلمان، لاسيما في القطاع الزراعي (الزراعة، صيد الأسماك وتربية المواشي) وفي المسائل الانتخابية (الإصلاح الدستوري الآيل إلى تعزيز المساواة بين الجنسين فيما يتعلّق بالمناصب سواء خضعت لانتخاب أم لا). شاركتُ في صياغة مشروع قانون حول تعزيز الوسائل الكفيلة بقمع جميع أشكال العنف الممارس ضدّ النساء والأطفال (لجنة الإصلاح، الخ) ووعدني وزير العدل ونقيب المحامين بتقديم المساعدة القانونية إلى جميع النساء والفتيات اللواتي يتعرّضن للاعتداءات الجنسية كما وإلى النساء اللواتي يعانين من المشاكل في حياتهن الزوجية أو اللواتي يتم انتهاك حقوقهن كأرامل. بصفتي عضو في لجنة المال والاقتصاد النيابية، لا أكفّ عن توعية الوزراء حول ضرورة إعداد موازنات مراعية للنوع الاجتماعي. وبصفتي عضو في لجنة القوانين والعمل واللا مركزية وحقوق الإنسان، أعددت عشرات التعديلات للنصوص التي اقترحتها الحكومة في ما يتعلّق بصون حقوق الإنسان في أماكن الاعتقال وبتطبيق اتفاقية مناهضة التعذيب (وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة). في البرلمان، طرحتُ العديد من الأسئلة الشفهية والخطّية حول بعض مواضيع الساعة مثل ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية الذي أثّر على الأسر وبالتالي على النساء والارتفاع الحادّ في سعر الطاقة (الأمر الذي حال دون مزاولة النساء لنشاطهن في القطاع غير النظامي) والحاجة إلى إجراءات تسمح بزيادة دخل سكان الأرياف. أوّد أن أزرع في ذهن النساء قناعةً بأنّه بفضل كفاءاتهن وعزمهن والتزامهن، يجب أن يكن قادرات على المشاركة بشكل كامل في عملية صنع القرار من أجل التأثير بشكل ملحوظ على الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية في بلادهن. كما أودّ أن تدرك جميع النساء المهتمّات بالسياسة أنّ عبقرياً يكمن في أعماقهن وله القدرة على خلق ثروة وطنية. فعسى أن تتمكّن النساء الإفريقيات من تدعيم شبكاتهن وتنسيق كفاحهن توصّلاً إلى إزالة جميع أشكال التمييز الممارس بحقّهن. لا بد للشبكة الإفريقية أن تتآزر مع جميع الشبكات النسائية من حول العالم من أجل تعزيز مشاركة النساء في الحياة السياسية وفي شتى الميادين الأخرى.


مقابلة مع السيّدة إليزابيث سالغيرو، نائب في الكونغرس البوليفي ورئيسة لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب البوليفي

ملخّص: 
"... نواجه تحديًا لا يقتصر على بوليفيا بل يطال كل المنطقة، وهو أن نتمكّن كمناصرات النسائية منذ وقت طويل أن نمرر الشعلة إلى النساء الشابات وأن نعمل معهن لنعزّز قيادتهن. علينا أن نفسح المجال أمام الأجيال الجديدة وإنه لتحدٍ كبير. لذا يجب أن نولي أهمية خاصة للنساء الشابات أولاً وبعدها نولي أهمية لنفسنا. "
المتن: 
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: بدايةً، حضرة السيّدة إليزابيث سالغيرو، كيف دخلتِ المعترك السياسي؟ هلاّ أعطيتنا موجزًا عن مسيرتك السياسية؟ كيف أثّر كونك امرأة على مسيرتك؟ Orsinia Polanco إليزابيث سالغيرو: حزتُ شهادةً في التواصل الإجتماعي ودرجة ماجستير في التخطيط الإقليمي. دخلتُ المعترك السياسي في سنة 1990 تقريبًا، حاملةً شعلة الدفاع عن حقوق المرأة وبشكلٍ خاص المرأة من السكان الأصليين. عملتُ في البداية مع المنظمات النسائية في منصب المنسقة الوطنية البوليفية في المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة في بيجينغ سنة 1995. كانت خبرةً مُرضية جدًا، إذ للمرّة الأولى إجتمعت النساء ورحن يفكّرن معًا بالمواضيع المطروحة في منهاج عمل بيجينغ. في بوليفيا، كانت المرّة الأولى التي تحظى فيها جهود النساء من السكان الأصليين ومن أهل البلد والنساء الريفيات بالتقدير والإعتراف. عقدت منظمات السكان الأصليين والنساء الريفيات والمنظمات المحلية سلسلةً من اللقاءات وورش العمل وُضع إثرها التقرير الوطني. عندها أدركنا أنه علينا أن نواجه تحدي تعميم الإحترام ما بين الثقافات في عملنا إضافةً إلى مكافحة العنف والتمييز. بعد ذلك، شغلتُ منصب المنسق الوطني للمنظمة النسائية البوليفية للمساواة والإنصاف (AMUPEI)، وهي الهيئة التي تم تأسيسها لمتابعة مؤتمر بيجينغ، وحوّلناها إلى منصة عمل للتأثير على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، بهدف تطبيق خطة العمل العالمية للمرأة. عدتُ بعدها إلى العمل ضمن الشركات الإعلامية ووكالات التعاون الدولي، كما كنتُ مستشارة حول شؤون المرأة. في العام 2005، كان من دواعي شرفي وخير اعتراف بقدراتي أن يُطلب مني أن أكون نائب عن مرشح على قائمة الحركة نحو الإشتراكية (MAS)، وهي حزب الرئيس البوليفي الحالي "إيفو موراليس". وكان الترشيح هذا التحدي التي كانت تسعى إليه المنظمات النسائية على المستويين الشخصي والجماعي، فلن نضطر بعدها إلى محاولة التأثير على الساحة السياسية من الخارج بل سنكافح من أجل حقوق المرأة من داخل السياسة. كانت بالفعل مفاجأةً سارّة، ولم يكن إنجازًا شخصيًا بل جماعيًا. لقد دخلت البرلمان الوطني بفضل دعم الحركات النسائية. في البرلمان، شاركتُ في لجنة العلاقات الدولية، وبعدها تم تعييني رئيسة الإتحاد البرلماني البوليفي. كما شغلت منصب نائب رئيس اللجنة السياسية الإجتماعية وأترأس حاليًا لجنة حقوق الإنسان. صحيحٌ أن مجال حقوق المرأة قد شهد تقّدمًا لافتًا حول العالم وفي بوليفيا، لكن لا يمكننا أن ننكر أنه ما زال من الصعب أن تمارس المرأة حقوقها في الحياة اليومية. في بوليفيا اليوم، وضع إطار قانوني متقدّم جدًا، بخاصة مع الدستور السياسي البوليفي الجديد (2009)، لكن المجتمع الذكوري والأبوي يعيقه ويعرقله. يصعب علينا كنساء أن نصل إلى مناصب السلطة الفعلية، وأن نحظى بالإعتراف كقائدات، وأن نحصل على الفرص المتساوية لندخل بعض المناصب في السلطة. على سبيل المثال، أنا المرأة الوحيدة في الدورة البرلمانية الحالية التي تترأس لجنةً برلمانية. كان التقدير الذي حصدناه حتى يومنا هذا ثمرة جهودنا الحثيثة ضمن الهيكليات هذه والدعم النسائي النافذ. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: حققت الحركة نحو الإشتراكية الإنتصارات المتتالية في الإنتخابات، وحصدت مؤخرًا أكثر من 60% من الأصوات. ما الدور الذي إضطلعت به القيادة السياسية النسائية في صعود نجم الحركة بهذه السرعة؟ إليزابيث سالغيرو: منذ البداية، كان لمشاركة إتحاد النساء الريفيات من بوليفيا "بارتولينا سيسا" (Bartolina Sisa) أهميةً بالغة. إن الإتحاد هذا هو أحد الحركات الإجتماعية التي تشكل جزءًا من "الحركة نحو الإشتراكية"، ويعرّف عن نفسه على أنه "الأداة السياسية" لهذه الحركات. تجلّت مشاركة النساء من السكان الأصليين ومن أهل البلد والنساء الريفيات في حركات عدّة. على سبيل المثال، ترأست "سيلفيا لازارتيه" الجمعية التأسيسية، وتشغل "ليونيلدا زوريتا" منصب عضو في الإدارة الوطنية للحركة نحو الإشتراكية، و"نيميسيا أشاكولو" و"سابينا أوريلانا" المناصب النيابية في البرلمان، وتولّت نساء أخريات من السكان الأصليين على غرار "سيلينا توريكو" و"كاسيميرا روريغيز" و"سيليندا سوسا" حقائب وزارية. ضمّت الحكومات على مرّ السنين عددًا من النساء، لكن لسوء الحظ لا تضم الحكومة الحالية إلا وزيرتين. ونأمل أن نتمكن من التقدّم نحو تحقيق المساواة بفضل الدستور الجديد. تضم اليوم إدراة الرئيس "إيفو موراليس" على مختلف المستويات عددًا من النساء من السكان الأصليين ومن أهل البلد والنساء الريفيات، إلا أن المشاركة ما زالت متدنية. لم تتجلى مشاركة المرأة حديثًا في الحركة نحو الإشتراكية بل هي قديمة وباتت اليوم تتطور أكثر فأكثر. كانت "ريميديوس لوزا" أول نائب في البرلمان البوليفي من السكان الأصليين، وهي امرأة من العاصمة "لا باز" كانت ترتدي الزي التقليدي للسكان الأصليين وكانت تنتمي إلى حزب الضمير (CONDEPA). ما زال الطريق طويلاً أمامنا، إلا أنه لا بدّ من أن ندرك أن في المجتمع البوليفي أفرادٌ يقدّمون كل الدعم والإلتزام بالإرتقاء بحقوق المرأة، على الرغم من النظرة الذكورية السائدة في الأحزاب السياسية ومختلف فئات المجتمع البوليفي، فيفتحون الأبواب أمامنا ويدعموننا في الترويج لقضايانا وبلوغ مناصب السلطة. إلا أنه علينا أن نبذل ضعف المجهود الذي يبذله الرجال لا بل أكثر لبلوغ الأهداف نفسها. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: برأيكِ، ما الذي يضيفه الدستور الجديد بشكلٍ أساسي على مشاركة المرأة في السياسة؟ إليزابيث سالغيرو: بدايةً، يستخدم الدستور الجديد لغةً لا تحمل في طيّاتها ذهنية التمييز الجنسي. كما يراعي الدستور حقوق المرأة مراعاةً كاملة في فصوله كافةً. فما من "نظام خاص" بالمرأة بل يركّز الدستور على فكرة شمل كافة أعضاء المجتمع في المسائل كلّها. في ما يخص مشاركة المرأة في السياسة، تنص المادة 11 من الدستور على أن بوليفيا تعتمد حكمًا ديمقراطيًا تشاركيًا تمثيليًا يوفر المساواة في الشروط أمام الرجل والمرأة. وعلينا في الإنتخابات التالية التي ستعقد في كانون الأول/ديسمبر 2009، أن نواجه التحدي الأكبر وهو أن نحترم ما تنص عليه المادة، إضافة إلى المادة 147 التي تنص على أنه يجب أن تضمن انتخابات أعضاء الجمعية المساواة في المشاركة أمام الرجل والمرأة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: حققت التجمعات النسائية البرلمانية نجاحًا باهرًا في بلدان عدّة. في بوليفيا، ما دور الإتحاد النسائي البرلماني (UMPABOL) وكيف يعمل حاليًا؟ إليزابيث سالغيرو: أود أن أقوم بالنقد الذاتي للإجابة على السؤال هذا. كان هذا الإتحاد ليكون مساحةًَ مؤاتية لنعالج شؤون المرأة إلى جانب مختلف الأحزاب السياسية، فنتخطى فروقاتنا ونطرح المطالب المشتركة. إلاّ أننا لم نتمكّن من القيام بذلك لسوء الحظ. لقد تلاشت قوة الإتحاد النسائي البرلماني على مرّ الوقت، ولم يكن تأثيره على البرلمان الوطني إلاّ محدودًا. أعتقد أن ما نفتقر إليه في الإتحاد هو الروح القيادية، ما حال دون تحقيق الوحدة الضرورية لتخطي فروقاتنا والعمل معًا من أجل قضية المرأة. ولم تعترف النساء من مختلف الأحزاب السياسية بهذه المساحة المشتركة. لكن لا بدّ من أن أذكر أن بعض فئات المجتمع المدني قد أنشأت على سبيل المثال لجنة للترويج لأجندة النساء التشريعية. لقد نظّمت هذه اللجنة كافة القوانين التي قدمتها النساء، وحددت القوانين قيد الصياغة، وتعمل حاليًا كهيئة تنسيق تحرص على قابلية حياة هذه القوانين. ويعتمد عملها على تحالفٍ متين بين النساء البرلمانيات والمنظمات النسائية. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما النصيحة التي تسدينها إلى الشابات المنخرطات أو يرغبن بالإنخراط في المعترك السياسي، لكن يشعرن بأنّ هذا العالم بعيد المنال؟ إليزابيث سالغيرو: أعتقد أن للوضع هذا إيجابيات وسلبيات. فالدستور الجديد في بوليفيا قد أتاح الفرصة أمام النساء والرجال على حدٍ سواء للمشاركة في البرلمان في الجمعية التشريعية الوطنية منذ سن الثامنة عشر. من المهم أن يغتنم الشباب هذه الفرصة ويعززوا روحهم القيادية ليترشحوا ويصبحوا من أعضاء البرلمان. لكن من جهةٍ أخرى، نواجه تحديًا لا يقتصر على بوليفيا بل يطال كل المنطقة، وهو أن نتمكّن كمناصرات النسائية منذ وقت طويل أن نمرر الشعلة إلى النساء الشابات وأن نعمل معهن لنعزّز قيادتهن. علينا أن نفسح المجال أمام الأجيال الجديدة وإنه لتحدٍ كبير. لذا يجب أن نولي أهمية خاصة للنساء الشابات أولاً وبعدها نولي أهمية لنفسنا. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما أهمّية الشبكات في مسيرتك السياسية؟ وهل تؤدي دورًا أساسيًا في تعزيز مشاركة المرأة وتولّيها المناصب القيادية في السياسة؟ إليزابيث سالغيرو: لا شك في أن الشبكات أساسية، فهي مساحة لتبادل الخبرات وتترك أثرًا هامًا على المستوى الإقليمي وتعطي للكفاح المحلي أبعادًا جديدة. في الشبكات، نتعلم من النساء الأخريات ونزداد قوةً ونفوذًا بوجودهن وتجاربهن. فالشبكات أساسية ليس لتبادل التجارب فحسب، بل أيضًا لتبادل الوثائق والأفكار والمشاريع التي تعزز عملنا على المستوى المحلي. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: سؤال أخير قبل اختتام المقابلة: كيف تودّين أن يذكرك الرأي العام؟ ما أهم إنجازاتك في مجال تقدّم المرأة في بوليفيا؟ إليزابيث سالغيرو: أعتقد أن الأهم إعادة التأكيد على إنجازات الدستور الجديد من خلال عمل النساء معًا يدًا بيد. فالعمل الجماعي هذا أساسي وبالغ الأهمية ولا بد من تعزيزه. فالصراعات لا تعني الأشخاص فحسب والنتائج لا تتجلى إلا بعد العمل الجماعي. وأكرر أنه من المهم جدًا الإعتراف بقيادة المرأة، إلا أن العمل يعتمد على حصولها على الدعم الجماعي. هذا هو الإرث الذي أود تركه على الساحة السياسية، وهو التغلب على القول الشائع إن المرأة ألدّ أعداء المرأة. ثانيًا، أود أن تطوّر المنظمات النسائية في المجتمع المدني في بوليفيا الرقابة الإجتماعية المشددة وتتوخى الحذر وتدرك وجوب تطبيق الدستور الجديد، فلا يكفي أن يعترف الدستور بحقوقنا بل علينا أن نمارسها ونحميها. أخيرًا، لا يكفي أن نزيد عدد النساء اللواتي يبلغن مناصب السلطة، بل علينا أن نحرص على ضمان نوعية التمثيل النسائي. أعني بذلك أنه يجب أن تكون المرأة مدركة وملمّةً في مجال الجنسانية، وليس في مجال حقوق المرأة فحسب، بل أيضًا حقوق المجموعات الأخرى مثل حقوق الأشخاص المثليين، الذين يحمي الدستور حقوقهم، لكن لا بد من تعزيزها وحمايتها. ما أكثر النساء اللواتي بلغن مناصب السلطة وغابت عن بالهن قضايا النساء! ومن هنا أهمية التطبيق! يجب أن تحرص المنظمات النسائية على أن تمثّل هؤلاء النساء حقًا حقوق النساء الأخريات بعد وصولهن إلى السلطة.

مقابلة مع السيّدة ماريا باولا رومو، عضو في الجمعية عن مقاطعة بيشينسا (2009-2013)

ملخّص: 
"إن الترشح للإنتخابات ليس الطريق الوحيد ليكون المرء ناشطًا في السياسة، بل بإمكانه أن ينخرط في السياسة من خلال الموسيقى والمسرح والفن والكتابة على الجدران والنشاط الحزبي، وجميعها ترتدي شرعيةً أكبر بالنسبة إلى الشباب. لكننا لا نعارض السياسة الرسمية إذ هي المساحة التي تتخذ فيها القرارات. بهدف تشجيع مشاركة الشباب في السياسة الرسمية، ألغينا الشروط المتعلقة بالسنّ التي كانت مطبّقة في إكوادور."
المتن: 
شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة : حضرة السيّدة "ماريا باولا رومو"، شكرًا جزيلاً على إجراء هذه المقابلة مع شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة. في البداية، هلاّ أخبرتنا قليلاً عن تجربتك في المعترك السياسي والتحدّيات التي اعترضت سبيلك؟ Paula Romo ماريا باولا رومو : لطالما أحببتُ السياسة. دخلتُ الساحة السياسية رسميًا في الجامعة إذ كنت رئيسة الحكومة الطالبية، حيث نسجتُ العلاقات مع جيل الشباب وأعضاء الحركة النسائية. كان منتدى الشباب الوطني قد أنشئ وقتذاك، وبعد بضع سنوات أطلقنا حركةً شبابية سياسية. أطلق علينا اسم "تحوّل الـ 25" (la Ruptura de los 25) إذ كانت إكوادور تحتفل بمرور 25 عامًا على إرساء الديمقراطية فيها، كما كنّا نبلغ الخامسة والعشرين من العمر تقريبًا. قبل تلك الفترة، كانت الوجوه نفسها هي التي حصلت على الإذن لرفع الصوت في السياسة فيما كنّا نحن الفئة "المهمّشة". وفي الإنتخابات الرئاسية حتّى، كنّا نصادف دومًا الوجوه نفسها على القوائم الإنتخابية. عندها، نشأت حركتنا الشبابية قائلةً إننا اكتفينا من 25 عامًا من الحكم نفسه، وقد آن الأوان لكسر هذه الدوامة وبناء حكمٍ جديد ونشر التوعية بين المواطنين. وكانت إكوادور تشهد أزمةً مؤسسية معقّدة كل التعقيد، إذ كانت قد مرّت 8 سنوات تقريبًا لم يتمكّن خلالها أي رئيس من إكمال ولايته. هكذا دخلنا السّاحة السياسية الوطنية بعد انخراطنا في المجموعات الشبابية والحكومات الطالبية. قررنا بعدها الإنخراط في "الإتفاق الوطني" (Acuerdo País) إلى جانب حزبَي الحركة الوطنية (Movimiento País) والتحالف الوطني (Alianza País) اللذين قدّما الدعم إلى المرشح "رافاييل كوريا ديلغادو" في السباق الرئاسي وروّجا لتشكيل الجمعية التأسيسية. فاز "كوريا" في الرئاسة سنة 2006 ومعه قدنا حملةً وطنية لإجراء استفتاء حول صياغة دستور جديد. وفي الإستفتاء، حصلنا على تأييد 82% من المواطنين. ثم قدّمنا قائمة مرشّحينا للجمعية التأسيسية وترأستُ القائمة في مقاطعة "بيشينشا" (سنة 2007). كانت قائمتنا من القوائم القليلة التي ترأستها امرأة، علمًا أنه كان من الإلزامي أن تضمّ كل قائمة الرجال والنساء بالمناصفة، بالتناوب والتتابع، لكي لا تُمنح النساء دور البديل. سجّلت المشاركة في انتخابات الجمعية التأسيسية نسبةً لا سابق لها في إكوادور في كل القطاعات الإجتماعية. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: : ما هي التحديات التي واجهتها في مسيرتك السياسية، وهي مسيرةٌ طويلة نسبيًا بالرغم من صغر سنك؟ ماريا باولا رومو: لا أعتقد أن مسيرتي السياسة طويلة جدًا، لكنها كانت غنيّة. لقد قدنا حملات إنتخابية عديدة، الواحدة تلو الأخرى، بدءًا من الإنتخابات الرئاسية مرورًا بالإستفتاء والجمعية التأسيسية وصولاً إلى إستفتاء الدستور الجديد. والتحدي الأكبر تمثّل بحداثة منظمتنا السياسية، إذ تسود ثقافة من المحسوبية السياسية المهيمنة في إكوادور. ويجب أن يتمتع المرء بمهارات صنع القرار وأن يعمل يدًا بيد مع فريقه. ضمّت الجمعية التأسيسية (من تشرين الثاني/نوفمبر 2007 – تمّوز/يوليو 2008) 130 ممثلاً بينهم80 ممثلاً من الحزب الحاكم. وبدأنا نتعلّم كيفية إدارة التنوع، ومختلف المواقف ضمن المجموعة بغية التوصل إلى توافق وتوحيد المواقف، وأعتقد أننا نجحنا في هذه المهمة. لكنني لا أنكر أنني واجهت تحديات عدّة إذ كنت امرأة شابّة. ما زلنا نعيش في مجتمع يشكّك في قدرات المرأة في بعض المجالات، وأعتقد أن الساحة السياسية والساحة العامة والقانونية ما زالت ساحات ذكورية الطّابع على الأقل في بلدي، وأتكلم من موقعي كمحامية. فالمرأة تواجه دومًا تحديًا مزدوجًا إذ تخضع لاختبار دائمٍ كما عليها أن تبرهن أنها تستحقّ المشاركة في السياسة، ما لا ينطبق على الرجل الذي لطالما شارك بالسياسة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: تشير مختلف الدراسات إلى أن جيل الشباب في المنطقة يتّخذ موقف اللامبالاة والتشكيك تجاه السياسة. لكن بعد أن استمعنا إليك، يبدو أن إكوادور تشذّ عن القاعدة هذه. ما رأيك بهذا الموضوع؟ ماريا باولا رومو: Iاعتقد أننا كشباب قد نشعر باللامبالاة تجاه السياسة نتيجة المعتقد السائد بأن السياسة تقتصر على الإنتخابات. لكن في إكوادور وأميركا اللاتينية ينخرط الشباب في السياسة بطرق أخرى، وهي الرسالة التي حملتها حركة "تحوّل الـ 25". فالترشح للإنتخابات ليس الطريق الوحيد ليكون المرء ناشطًا في السياسة، بل بإمكانه أن ينخرط في السياسة من خلال الموسيقى والمسرح والفن والكتابة على الجدران والنشاط الحزبي، وجميعها ترتدي شرعيةً أكبر بالنسبة إلى الشباب. لكننا لا نعارض السياسة الرسمية إذ هي المساحة التي تتخذ فيها القرارات. بهدف تشجيع مشاركة الشباب في السياسة الرسمية، ألغينا الشروط المتعلقة بالسنّ التي كانت مطبّقة، وهي أيضًا شروط بالسن الأدنى للوزراء والنواب. و لم نحافظ إلاّ على شرط واحد وهو أن يكون المرشحون جميعًا قد بلغوا سن الرشد أي 18 سنة على الأقل. في الديمقراطية، يعتبر تقديم الدعم إلى المواطنين أكثر أهمية من السن. فالسن لا ترتبط بالقدرة أو الصراحة، وهذه هي الفكرة التي شددنا عليها. كما منحنا الشباب ما بين 16 و18 عامًا حقًا إختياريًا بالتصويت. بشكلٍ عام، يهتم جيل الشباب في إكوادور بالسياسة. قد يتوصّل مسح يجري بين الشباب إلى نتائج مشابهة للنتائج التي ذكرتها إذا ما تناول الإنخراط في الأحزاب السياسية أو السياسة التقليدية. إلا أن هذا لا يعني أن الشباب يشعرون باللامبالاة تجاه ما يحصل في البلد والعالم أو أن الإقتراحات ضئيلة. إنها السياسة، وهذه هي الفكرة التي شددت عليها حركتنا، ونأمل أن نتمكن من التمتع بهذه الحرية في التفكير في عالم السياسة الرسمي. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: بصفتك ناشطة حزبية، كيف تنظرين إلى مشهد مشاركة النساء في الأحزاب السياسية وبشكلٍ خاص النساء الشابات؟ ماريا باولا رومو: : في أميركا اللاتينية وبشكلٍ خاص في إكوادور، نشهد أزمةً حاليًا تلزمنا بإعادة النظر في تنظيم الأحزاب السياسية وأهدافها، ويطلب الدستور الجديد (الصادر عام 2008) من الأحزاب السياسية إعادة تقديم ملفات تسجيلها، أي إنتماءاتها وإعلان مبادئها، وبرامجها الحكومية، للتأكد من أن كلّ منها يتمتع بالدعم الشعبي. تساءلنا "أي نوع من المنظمات السياسية نريد؟" ووجدنا أننا نطمح إلى إنشاء منظمة سياسية تعتمد كل اعتماد على مشاركة المواطنين فيها، وهم من المواطنين غير الخاضعين أم المنصاعين الذين لا يتمتعون ببعد نظر بل من النقّاد العقلاء. نطمح إلى تشكيل منظمةٍ تتسم بالمرونة ولا تفرّق ما بين الأعضاء وغير الأعضاء، إذ يجدر بالحزب السياسي أن يمثل مصالح الأغلبية وليس الأعضاء فحسب. يكرّس الدستور بكلّ وضوح حقوق المرأة، وينصّ على قاعدة المناصفة في المناصب القيادية في الأحزاب السياسية على المستويات كافّة، وعلى القوائم الإنتخابية، وفي تولي المناصب في الهيئات القيادية المعيّنة وغير المنتخبة. ما كان في السابق هدف الحركة النسائية في إكوادور، أي احترام حقوق المرأة السياسية والمساواة بين الجنسين، تجسّد أخيرًا في قانون دستوري. بعد أن عالجنا مسألة "كميّة" التمثيل النسائي في السياسة، لقد حان الوقت الآن لأن نعالج "نوعية" التمثيل النسائي. فلا يعتقدنّ أحدٌ أن النساء يروّجن دومًا للأجندة النسائية، بل تقوم المرشحات في بعض الأحيان باستنساخ النظام الذكوري، فيكرّرن أنماط التمييز ضد النساء الأخريات. وهنا يطرح التحدي الأكبر ألا وهو بلوغ مرحلة التمثيل الراسخ. ومن التحديات الأخرى أيضًا إشراك الرجال في الدفاع عن أجندة النساء، فانعدام المساواة لا يطرح مشكلةً للمرأة وحدها بل لكافة أفراد المجتمع. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة : ما المنافع التي خلّفها هذا التغيير في تمثيل المرأة في السياسة؟ ماريا باولا رومو: في إكوادور، حصل قانون الحصص على الموافقة سنة 1997. ونصّ القانون على أن تضم قوائم المرشحين 30% من النساء على أن تزداد هذه النسبة بمقدار 5% في كل دورة انتخابية حتى تبلغ 50%. صحيح أن هذا القانون حصل على الموافقة منذ 10 سنوات، إلا أنه لم يطبّق قط، إذ تجد الأحزاب السياسية وقادتها دومًا السبل لتجاهله، فتختار مثلاً 30% من مرشحيها من النساء لكن تضعهن في أسفل القائمة الإنتخابية أو كبديل عن المرشحين من الرجال. لهذا السبب توخّينا الوضوح التام في الأنظمة الحزبية المستخدمة في انتخابات الجمعية التأسيسية، وقلنا إن قاعدة المناصفة في اختيار المرشحين تنصّ على أن تتألف القائمة الإنتخابية من رجل تليه امرأة ثم رجل تليه امرأة وإلى ما هنالك أو عكس ذلك. ومن غير الممكن تفسير القاعدة هذه على نحوٍ آخر. كما أن هذه القاعدة بالتناوب والتتابع فعالة، وتُعتبر أي قائمة لا تحترم هذه القاعدة غير مؤهلة للترشح. لذا بعد سنوات عدّة على الموافقة على قوانين أتاحت المجال عمدًا أمام تفسيرات مختلفة، صدر أخيرًا قرار سياسي وتجلّت الإرادة بتطبيق قاعدة المناصفة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: تناول أول نقاش إلكتروني على شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة موضوع "القضاء على العنف ضد النساء الناشطات في السياسة" (10-14 كانون الأول/ديسمبر 2007). ترأست جمعيّة النساء في المجالس البلدية في إكوادور (AMUME) صياغة مشروع قانون حول هذا الموضوع. ما رأيك بهذه الجهود؟ ماريا باولا رومو: بذلتُ الجهود الحثيثة في هذا المجال مع الزميلات في جمعيّة النساء في المجالس البلدية في إكوادور (AMUME). بصفتي محامية، لا أعتقد أنه يمكن تصميم البنود وفق الأشخاص المعنيين. فالإقتراح ليس اقتراحًا تقليديًا بالمعنى القانوني. على سبيل المثال، يجب عدم طرح بندٍ لـ "الأشخاص المسجونين" بل لحماية الحرية. يجب تصنيف البنود وفق الحق الذي يخضع للحماية وليس الشخص الذي يستفيد من هذه البنود. وما من بنودٍ خاصة بحماية الأطفال أوالمسنين أو الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة، بل تُطرح بعض البنود لمعاقبة الإنتهاكات المرتبطة بالتمييز وبعض البنود لحماية الحريات والبنود للحماية من التوقيف غير القانوني. لهذا السبب، أعارض الطريقة التي اعتمدت لتقديم مشروع القانون. إذ أعتبر أنه يجب أن يركّز على الحقوق التي تحظى بالحماية عبر البنود بدل الشخص الذي يستفيد من الحماية. ولعلّ السكان الأصليين ومواطني إكوادور من أصول أفريقية يتعرّضون للمضايقات نفسها في السياسة. يجب إذًا إعادة صياغة مشروع القانون ليتضمن في كل من البنود المقترحة الحماية لحق من الحقوق أو عدد منها. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: لو طُرح الموضوع عليك، كيف تعيدين صياغة مشروع القانون؟ ماريا باولا رومو: يتضمّن الدستور الجديد 6 أنواع مختلفة من البنود تمنح الحماية الفورية، يمكن تعليقها، بهدف تفادي انتهاك الحقوق الدستورية. ويبدو أنها تلبّي توقعات النساء في هذا المجال. تكلّمت مع النساء في الجمعيّة، وأعتقدُ أنه علينا في الخطوة التالية أن نطرح السوابق القانونية وأن نحمل القضايا الرمزية ونستخدمها للضغط على مختلف الهيئات، على غرار المحكمة الدستورية، لتتخذ موقفًا صريحًا فتطرح سابقة قانونية في موضوع التمييز السياسي ضد المرأة. إنه بالفعل موضوع يصعب أن يتناوله القانون ليغطّي كل حالة محتملة. من الصعب جدًا أن يتضمن القانون مثلاً بندًا خاصًا لمعاقبة من لا يدعو النساء لحضور اجتماع ما، وبندًا لمعاقبة التمييز ضد حق المرأة باتخاذ المواقف والتعبير عن رأيها وغيرها من الحالات. من الناحية القانونية، قد يكون مفيدًا لو تصدر المحكمة الدستورية حكمًا أو قرارًا يحدد بوضوح أي سلوك يعتبر "تمييزًا" وما هي عواقبه، وفي أي حالات تتدخل اللجنة الإنتخابية وغيرها من التفاصيل. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: برأيكِ، ما هي الاستراتيجيات الثلاثة الأهم لتعزيز وصول المرأة إلى الساحة السياسة ومشاركتها فيها؟ ماريا باولا رومو: يطالب المواطنون المرأة بالمزيد من الإعداد والمهارات وتخصيص الوقت للعمل. وتلبّي الاستراتيجيات كافّة هذه المطالب. علينا أن نبذل جهودًا جدية لبناء قدراتنا والتعلم معًا. علينا أن نتغلّب على الرجال بهدف الترويج للمبادرات النسائية. علينا أن نتمتع بالمهارات الملائمة للإرتقاء بالأجندة التي انتخبنا على اساسها. إذا ما فشلنا في تحقيق التغييرات المنشودة في حياة النساء اللواتي لن يترشحن ولن يدخلن المعترك السياسي أبدًا ، نكون قد فوّتنا تحقيق الهدف الأساسي. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: في مسيرتك السياسية، لا بدّ من أنك نسجت التحالفات وعملت من خلال الشبكات. ما رأيكِ بهذا النوع من العمل؟ ماريا باولا رومو: لقد قمتُ بذلك بالفعل. فما من طريقةٍ واحدة لممارسة السلطة. وما زالت ممارسة السلطة حتى يومنا هذا خاضعةً للنموذج الذكوري الذي لا بدّ من أن نشكك فيه. تقدّم الشبكات والتحالفات نموذجًا مختلفًا وأفقيًا لممارسة السلطة. إنه تحدٍّ للرجال والنساء كافةً، ليبرهنوا أن هذا النوع من العمل قد يكون فعالاً بقدر السلطة التقليدية. في إكوادور وأميركا اللاتينية، نطرح سؤالاً أساسيًا على أنفسنا كنساء وقطاعات تقدميّة وهو: كيف يجب ممارسة السلطة؟ كيف يمكننا إضفاء الطابع التشاركي والديمقراطي والأفقي على السياسة؟ شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة: ما النصيحة التي تسدينها إلى النساء اللواتي يطمحن إلى دخول الساحة السياسية لكن يشعرن أنها حيزًا بعيد المنال؟ ماريا باولا رومو: ليست السياسة بالعمليّة السهلة، فلا يعتقدنّ أحدٌ يدخل الساحة السياسية أن الأمور سهلة والسعادة تغمر قلوب الجميع. فالسياسة أصعب مما يعتقد المرء، لكنّها تستحق العناء. لا أجيد إسداء النصائح كما لا أحبذ الإستماع إلى نصائح الآخرين، لكن ما يمكن قوله هو إن السياسة مرضية إلى حدّ ما وهي جديرة بالمجهود، إذ تتكون بعض العمليات وتتجلى. عليكِ اعتماد مقاربة إستباقية، والتحلّي بالشجاعة وتجاهل من يشكّك بقدراتك وبإنتمائك إلى السياسة. علينا أن نكون على أتمّ استعداد يوميًا. صحيح أنه يجب أن تتسم مشاركة المرأة بالشجاعة لكن يجب ألاّ تكون مرتجلة. شبكة المعرفة الدولية للنساء الناشطات في السياسة : كيف تودّين أن يذكرك الرأي العام؟ ما الإرث الذي تودّين تركه على الساحة السياسية؟ ماريا باولا رومو: تبدو هذه الأفكار عبثيةً بعض الشيء بالنسبة لي، لربّما لن يتذكرني أحد. بعد أن أترك الساحة السياسية، أود أن أكون على اقتناع بأن عملي والتزاماتي كانت متماسكة ومتناسقة.